فِيلِبِّي
مدينة في مكدونية اسمها القديم كرينيدس [أي الينابيع الصغيرة]. وكانت على تلة صغيرة بارزة من قلب السهل. وإلى الجنوب منها مباشرة مستنقع تصب فيه الينابيع التي أخذت المدينة اسمها الأول منها. وعلى بعد نحو عشرة أميال إلى الجنوب الشرقي منها ميناؤها نيابوليس تفصل بينهما سلسلة جبال فوقها ممر ارتفاعه نحو 1600 قدم عن سطح البحر. وكان يصل المدينتين جزء من الطريق الشهيرة المعروفة بالطريق الأغناطية. أما النهر الذي كان اليهود يصلون عنده (أع16: 13) فربما كان الجنجيتس [الأنجيستا حديثا] الذي يجري غربي المدينة بميل. تاريخها: كانت كرينيدس ضمن حدود تراقيا القديمة. وفي سنة 356 ق.م. ضم فيلبس المكدوني الثاني تراقيا بما فيها كرينيدس حتى نهر نستوس إلى مملكته. فوسع المدينة وحصنها ودعاها فيلبي باسمه. وكان في جوارها مناجم ذهب وفضة ساعدت فيلبس على تنفيذ مشاريعه الطامحة. وفي سنة 168 ق.م. سقطت فيلبي في يد الرومان. وفي سنة 42 ق.م. جرت في جوارها معارك حاسمة دعيت باسمها وقعت بين بروتوس وكاسيوس من قتلة يوليوس قيصر البارزين من جهة وبين أوكتافيوس وأنطونيوس الآخذين بثأره من جهة أخرى. وانتصر أوكتافيوس وأصبح أوغسطس قيصر. فاهتم بمدينة فيلبي لانتصاره فيها وأرسل إليها جالية رومانية فأصبحت [كولونية] تتمتع بما يتمتع به الرومان من حقوق وامتيازات. ويشير إليها لوقا [ككولونية] [أَوَّلُ مَدِينَةٍ مِنْ مُقَاطَعَةِ مَكِدُونِيَّةَ] (أع16: 12). وقد اعتبرت الأولى أما من حيث الأهمية أو لكونها أول مدينة يصلها المسافر بحرا. ذكرها في العهد الجديد: زارها بولس نحو سنة 52 م. فآمن فيها على يده كثيرون أهمهم ليدية من مدينة ثياتيرا، والفتاة التي كان بها روح عرافة، والسجان الفيلبي (أع16: 12-40). إلا أن إيمان الفتاة هذه سبب للرسولين بولس وسيلا اضطهادا وسيقا إلى السجن ولكنهما بذلك استطاعا الوصول إلى السجان فآمن على يدهما (قابل 1 تس 2: 2) واضطر بولس إلى مغادرة المدينة فجأة. ولكنه زارها ثانية في طريقه إلى سوريا (أع20: 3-6). لرِسَالَةُ إِلَى الفِيلِبِّيين الفيلبيون سكان مدينة فيلبي (في4: 15)، كتب إليهم بولس الرسالة مشاركا فيها معه تيموثاوس (في1: 1). وكان بولس نفسه قد جمع نواة هذه الجماعة من المؤمنين فيها. وكانت أول كنيسة أسسها في أوربا. وقد كتب إليها الرسالة وهو سجين (1: 7 و13 و14 و16) وعلى ما يظهر تحت حراسة الحرس الأمبراطوري (1: 13). ويبلغ الرسول الفيلبيين تحيات من القديسين الذين من بيت قيصر (4: 22). وكثيرون حوله كانوا يكرزون بالكلمة (1: 14-18). فهذه الشواهد ولهجة الرسالة بصورة عامة تدل على أن الرسالة كتبت على الأرجح من روما أثناء سجن الرسول فيها أول مرة اطلب [بولس]. كما يرجح أنها كتبت نحو سنة 63 م. قرب نهاية مدة أسره. وإليك الحقائق الدالة على ذلك: 1- كان بولس في المكان الذي كتبت منه الرسالة مدة من الزمان لا يستهان بها (1: 12 إلخ). 2- كان يأمل الأفراج عنه قريبا (1: 25، 2: 23 و24). 3- كان الفيلبيون قد أرسلوا إليه هبة (4: 10) على يد أبفرودتس (2: 25، 4: 18). إلا أن هذا الأخير مرض في روما ووصل خبره إلى فيلبي فقلق عليه الأخوة. وعلم بذلك أبفرودتس نفسه (2: 26 و27). ويبدو أنه كان قد مر على وصول بولس العاصمة وقت طويل. كتب بولس الرسالة من الناحية الأولى للتعبير عن امتنانه للفيلبيين على معروفهم. فأنه على عكس عادته كان قد قبل عطاياهم أكثر من مرة (4: 10 و15-18). وانتهز الفرصة ليخبرهم عن أحواله ويحذرهم من الزيغان. فهي رسالة راع إلى رعيته. وبعكس معظم رسائله فأن الداعي لكتابته هذه الرسالة لم يكن وجود أي أزمة في كنيسة فيلبي. فهي ملأى بالنصائح والأرشادات الروحية الخاصة بالحياة المسيحية كما أنها تلقي نورا على حالة الرسول في روما. وقد أرسلها على يد أبفرودتس (2: 25 و 28-30) بمناسبة عودته إلى فيلبي بعد أبلاله من مرضه أما محتويات الرسالة فكما يأتي: 1- المقدمة (1: 1 و2). 2- الشكر على أمانتهم، مع كلمة عن محبته لهم وشوقه إليهم وصلاته من أجل قداستهم (1: 3-11). 3- وصفه حالته وأتعابه في روما وانتشار الإنجيل بواسطته رغم سجنه، وحالة الكرازة بالكلمة على يد الآخرين من مخلصين ومنافسين، ورغبته الشديدة في ثباتهم في الإيمان (1: 12-30). 4- دعوته أياهم إلى وحدة روحية عن طريق التضحية والمحبة مقتفين بذلك أثر المسيح، فيكملوا عمل الخدمة الذي كان دوما يضعه نصب أعينهم (2: 1-18). 5- وعده بأن يرسل إليهم تيموثاوس، وأن يذهب إليهم قريبا هو نفسه إذا استطاع ذلك، وأزماعه على أرسال أبفرودتس إليهم حالا (2: 19-30). 6- حضه أياهم على متابعة الحياة المسيحية بفرح كما هو ذاته بفرح سلم نفسه للمسيح، وبشوق جد نحو الجعالة التي يقدمها المسيح، وتحذيره أياهم من الذين يسيؤون التصرف إلى حرية الإنجيل ليشبعوا شهواتهم الجسدية (3: 1-21). 7- نصائح وإرشادات يقدمها لبعض الأفراد وللجميع عن الفرح والقناعة والقداسة (4: 2-9). 8- كلمة شكر وتقدير لهديتهم ومحبتهم (4: 10-20) مع تحيات وبركة ختامية (4: 21-23). والرسالة واحدة في جميع المخطوطات. ولها تحية في الأول وبركة في الختام. وفي (3: 2) يتجه الرسول إلى موضع آخر ولا يبدأ برسالة ثانية كما يدعي بعضهم.