عِبْرَانِيِّونَ

هم أحد فروع الدوحة السامية. وينسب اسمهم إلى عابر، أحد أجداد إبراهيم الذي أتى بهم إلى فلسطين وقد منحهم اللقب الكنعانيون، إذ سموا إبراهيم أبرام العبراني (تك10: 24، 11: 14، 14: 13) بعد أن عبر نهر الفرات إلى فلسطين. وفي القرنين الخامس عشر والرابع عشر ق.م. ذكرت النقوش في ما بين النهرين وسورية وفلسطين ومصر «الخابرو] الذين كانوا نزلاء وجنود وعبيد. وظن بعضهم أن العبرانيين جزء من «الخابرو] وانتشر الاسم «عبرانيون] بين الأمم. واستعمله المصريون والفلسطينيون. واستعمله العبرانيون أنفسهم، وإن كانوا يفضلون لفظة «إسرائيليين] (تك39: 14، 40: 15، 41: 12 و1 صم 4: 6 وخر2: 7). ولا يزال الاسم مستعملا إلى اليوم، مع أنهم يحملون اسم اليهود الذي نشأ من السبي. وإننا نجد تاريخ العبرانيين مدونا في الكتاب المقدس. ويقول الكتاب أن تاريخ العبرانيين، كشعب وديانة، بدأ بإبراهيم، الذي كان يقيم في أور الكلدانيين (في العراق اليوم)، حينما دعاه الله أن يكون زعيما للشعب الذي تتبارك فيه جميع قبائل الأرض. لذلك نسب العبرانيون إليه وسموا ذرية إبراهيم وأولاد إبراهيم (تك12: 1 ومز105: 6 ومت3: 9 ويو8: 37 وغلا3: 7). وقد أدرك إبراهيم، بالوحي والإلهام، وجود إله واحد أبدي، خالق السموات والأرض وسيد الكون (تك18: 19) وكان إيمان إبراهيم جديدا بالنسبة لأور التي كان يقيم فيها، حيث كانت مركز عبادة القمر، بل أن أبا إبراهيم نفسه كان يخدم آلهة أور الوثنية (يش24: 2)، لذلك هاجر إبراهيم من أور نحو بلاد كنعان، حوالي أواخر القرن العشرين ق.م. وفي كنعان تعاهد الله مع أبراهيم على منحه أرض كنعان له ولذريته، ليكونوا بركة للأمم وشعبا ممتازا، وكان الختان رمز هذا العهد (تك17)، مقابل إيمان إبراهيم بالله الواحد. والحقيقة أن هذا الإيمان لم يكن قد عرف في أرض كنعان من قبل مجيء إبراهيم. وكانت شعوب سورية تؤمن بعدة آلهة. وانتقل الإيمان بالتوجيه من إبراهيم إلى أسحاق ويعقوب اللذين جدد لهما الله العهد الذي قطعه لإبراهيم. واستمر العهد حتى خروج العبرانيين من مصر وعودتهم إلى أرض الميعاد، وقد تم الخروج بإشراف موسى، بعد قضاء فترة طويلة من الاستعباد في مصر. وحمل العبرانيون عند عودتهم اسم «بني إسرائيل]. وكان يهوه الذي أخرج العبرانيين من مصر وظهر لموسى في البرية هو نفسه الله الذي ظهر لإبراهيم وأسحاق ويعقوب ومنحهم العهد. أو أن العبرانيين بدأوا يحسون وهم في طريقهم إلى فلسطين كشعب خاص له الخصائص القومية. وكان دخولهم فلسطين غزوا عسكريا، ومجدا قوميا لهم. وكان يشوع قد أشرف على فتح فلسطين، بعد أن تولى قيادتهم أثر وفاة موسى قبل دخول أرض الموعد. وقسم يشوع البلاد بين الأسباط الاثني عشر. ثم ظهر نظام القضاة، وعددهم أربعة عشر قاضيا. وكان صموئيل آخر القضاة وأعظمهم وهو الذي نصب شاول ملكا على العبرانيين. وشاول هو أول ملك عبراني. وبه بدأ تنظيم الدولة العبرانية في فلسطين، بعد انقضاء فترة طويلة من حكم القضاة الذين كانوا يفتقرون إلى قانون موحد. واتسعت حدود المملكة زمن شاول وداود وسليمان وازدهرت علومها وحياتها الاجتماعية وخاف المجاورون لها من بأسها. ولكن ذلك العز لم يدم، إذا انقسمت المملكة في القرن العاشر قبل الميلاد بعد موت سليمان بين الملكين: رحبعام ويربعام، وارتفعت أسهم المعتقدات الوثنية، وكان إرسال الأنبياء تهديدا لبني إسرائيل بالعودة إلى الدين القويم، وإلا نالوا القصاص الذي يستحقون. ونشبت الحروب بين المملكتين (مملكة إسرائيل في الشمال ويهوذا في الجنوب) وضعفت قواهما ووهنت نياتهما، وطمعت فيهما الشعوب المجاورة لهما، وأخذت تتعدى على حدودهما، إلى أن انقضت أركانهما، فسبي أهل مملكة الشمال سنة 721 ق.م. إلى أشور، وسبي أهل مملكة الجنوب سنة 587 ق.م. إلى بابل. عندما سبي الآلاف من اليهود إلى بابل في ما بين النهرين، هرب بعضهم إلى مصر، حيث لجأوا إلى فراعنتها، وبنوا لأنفسهم هيكلا أقاموا فيه شعائرهم وحافظوا على معتقدهم. وأقام معظمهم في مدينة الإسكندرية حتى بلغ عددهم ثلث سكانها. وكانوا من المثقفين ورجال العلم والناموس. حوالي سنة 285 ق.م. بدأوا بترجمة العهد القديم من لغته الأصلية إلى اليونانية، بإشراف سبعين عالما منهم. ولذلك سميت تلك الترجمة بالسبعينية. وقد رضي عن الترجمة ملك البلاد البطلمي الإغريقي، بطليموس فيلادلفوس. أما الذين سبوا إلى بابل فقد أتاح لهم ملك فارس الذي انتصر على الكلدانيين، وقضى على دولتهم، الرجوع إلى القدس وبناء الهيكل من جديد. ولكنهم ظلوا يخضعون للدولة الفارسية إلى أن جاء الأسكندر المقدوني الملقب بالكبير إلى آسيا ونزع السلطة من يد الفرس وأمسك بها. فوالاه اليهود ومنحهم مقابل ذلك استقلالا محليا. ولكن الأسكندر مات وتقسمت مملكته بين خلفائه. ولما كانت فلسطين تقع بين الشام ومصر، كان المتحاربون من حكام الشام ومصر (السلوقيون والبطالسة) يتجاذبون مملكة اليهود ويتنافسون فيما بينهم عليها. وزاد في شقاء اليهود أن أنطيوخس الرابع ملك سوريا أنكر حقهم في عبادة إلههم وأمرهم بعبادة آلهته هو، وبنى في وسط هيكلهم معبدا للإله زفس الألمبي. فثار الشعب، وتزعم الثورة المكابيون، وهم رؤساء كهنة الشعب. ونال المكابيون الاستقلال بعد حرب دامت ثلاثين عاما. إلا أن الاستقلال لم يستمر طويلا، فقد اجتاح الشرق، في القرن الأول قبل الميلاد، الجيش الروماني، واحتل بومباي القائد الروماني القدس سنة 63 ق.م. وفي سنة 37 ق.م. ارتقى هيرودس عرش اليهودية. وفي عهده ولد المسيح. إلا أن اليهود أعادوا المعاصي التي اقترفوها من قبل، فرفضوا قبول الخلاص بالمسيح، وتحاملوا عليه وأنكروا أنه المسيح حتى طالبوا بصلبه. فانتقم الله منهم بأن أرسل لهم تيطس الروماني يؤدبهم. فاحتل تيطس القدس وأحرق الهيكل وهدم المدينة، وهكذا تمت نبوة المسيح (مت23: 34-39 ولو21: 2-24). وأما الرسل المسيحيون والمبشرون الأولون فكانوا عبرانيي الجنس، وانتشرت المسيحية أولا بين العبرانيين وفي كل مكان قبل بعض منهم الخلاص بيسوع المسيح أما الآخرون فرفضوه. وكانت نكبة القدس عاملا في تفريق الناجين من اليهود في جميع أنحاء المعمورة. ومهما تباعدت بهم الأمكنة، فلا يزالون حتى اليوم يحافظون على ديانتهم، ولا يزالون ينكرون أن يسوع هو المسيح وينتظرون مجيء مسيحهم الخاص بهم. وتقوم الديانة العبرانية على حقيقة عبادة الله الإله الواحد القدوس خالق الكل، والعارف بكل شيء والحاضر في كل مكان، والقادر على كل شيء، الأزلي الرحيم الرؤوف (تث6: 4 وخر15: 11، 34: 6 ومز89: 35، 90: 2، 115: 3، 139: 7 وتك1: 1 وأم15: 3 وإش63: 16). وتقوم عبادة الله الروحية بدون معونة التماثيل المعدنية أو الخشبية أو الحجرية، وتنهى عن عبادة الأوثان وتعاقب كل من يعبد الأوثان عقابا صارما (خر20: 4، 32: 35). وفي الديانة اليهودية تشريعات اجتماعية وأدبية وإدارية (خر20: 12-17). إلا أن المسيحية لا تنظر إلى اليهودية إلا كديانة وقتية غير كاملة ورمزية نبوية استعدادا للمسيحية نفسها. اللغة العبرانية أو العبرية: (2 مل 18: 26 و28 وإش36: 11 و13، 19: 18). هي إحدى اللغات السامية، وقد وجدها إبراهيم في أرض كنعان لما قدم من ما بين النهرين. وكانت تلك اللغة شديدة الشبه بلغات الدول والقبائل الأخرى في سوريا في ذلك الحين، خاصة الفينيقيين والموآبيين والأراميين. وأقدم أصل لكتابة اللغة الفينيقية، المعروفة بالمسمارية، موجود في آثار رأس شمرا، التي ترجع إلى القرن الخامس عشر قبل الميلاد. وقد كتبت معظم أسفار العهد القديم بالعبرانية، إلا سفرا دانيال وعزرا فقد كتبت أجزاء منهما بالأرامية. وكانت العبرانية لغة بسيطة جدا، إلى أن أضيفت أليها بعض الزيادات في القرن السادس للميلاد على يد جماعة من علماء مدينة طبريا. أما أول تغيير طرأ على اللغة فقد تم خلال فترة السبي، إذ فقدت اللغة نقاوتها، وأضيفت إليها تعابير أرامية حتى قامت في العبرية لهجة عامية كادت تقضي على الفصحى الكلاسيكية التي لم يتقنها في العصور المتأخرة إلا رجال الدين والفقه. وكانت تلك العامية تخضع للأرامية خضوعا مباشرا، حتى أن اليهود أيام المسيح كانوا يتكلمون الأرامية ذاتها (مر5: 41 ويو5: 2، 19: 13 و17 و20 وأع21: 40، 22: 2، 26: 14 ورؤ9: 11). \لرِّسَالَةُ إِلَى \لْعِبْرَانِيِّينَ أنها السفر الرابع عشر من أسفار العهد الجديد. ولا يوجد بين علماء الكتاب المقدس أجماع على حقيقة كاتب الرسالة. ومنذ عهد آباء الكنيسة الأول والجدال يدور حول اسم الكاتب، بالرغم من اعتراف الكنيسة بها وبصحتها منذ ذلك الحين. وقد اعتبرتها الكنيسة الشرقية القديمة من وضع بولس، مع أن فيها، مادة وأسلوبا، ما يختلف عن باقي كتابات بولس. واعتقد كليمنت الأسكندري أن لوقا ترجمها عن النسخة الأصلية التي كتبها بولس بالعبرية. أما الكنيسة الغربية فقد شكت بإنها من وضع بولس، وقال تارتوليان أنها من وضع برنابا، أما لوثر فقد اعتقد أنها من وضع أبلوس (أع18: 24). إلا أن نظرية الكنيسة الشرقية تغلبت في النهاية بالرغم من افتقارها إلى الأثبات العلمي. وبالرغم من قول أوريجانوس (في القرن الثالث) أن لا أحد يعرف كاتبها إلا الله، إلا أننا نستطيع أن نعرف من الرسالة نفسها، أن كاتبها لم يكن من الرسل (عب2: 3)، وأنه أخذ الأنجيل عن غيره، وأنه كان معروفا عند القراء، وكان بعيدا عنهم لظروف فوق قدرته (عب13: 18 و19). ونستطيع أن نعرف أيضا من أسلوبها أنها لم تترجم عن العبرية، وأن الكلاسيكية في الأسلوب تختلف عن أسلوب بولس في رسائله الأخرى. وقد كتبت الرسالة من إيطاليا (عب13: 24) ووجهت إلى اليهود الذين آمنوا بالمسيح في فلسطين وبلاد الشرق عموما. ويمكن أن تقسم محتويات الرسالة كما يأتي: 1- تفوق المسيحية على كل أنواع الوحي السابقة ص1-4: 3 وفي هذا نرى: (ا) تفوق المسيح وسموه على كل وسطاء الوحي ص1. (ب) التحذير الذي تحمله لنا هذه الحقيقة في طياتها كي لا نهمل الأنجيل ص2: 1-4. (ج) ينبغي أن لا يعثرنا تواضع المسيح إذ أنه بتواضعه وتنازله صار مخلصا ورئيس كهنة ص2: 5-18. (د) لهذا السبب فإن المسيح أكثر رفعة وسموا من موسى ص3: 1-6. (ه) التحذيرات ضد عدم الإيمان بالإنجيل أضعاف التحذيرات التي كانت موجهة ضد عدم الإيمان في العهد القديم إذ أن الإنجيل هو وحي الله النهائي ص3: 7-4: 13. 2- قيمة وظيفة المسيح كرئيس كهنة العهد الجديد 4: 14-ص7 وفيه: (ا) المسيح رئيس كهنة العهد الجديد 4: 14-16. (ب) طبيعة عمل المسيح كرئيس كهنة ص5. (ج) توبيخ لأن الذين كتبت إليهم الرسالة لم يدركوا تماما حق الإنجيل كاملا ص6. (د) أظهار تفوق المسيح في أن كهنوت ملكي صادق كان يرمز إليه ص7. 3- المسيح يمارس عمله الكهنوتي الآن في السماء 8: 1-10: 18. 4- حث المؤمنين أن يسلكوا بموجب هذا الإيمان 10: 19-12: 29 وفيه: (ا) حث على تجديد الثقة بالمسيح ومداومة شركتهم كمسيحيين 10: 19-25. (ب) اليأس والفشل الذريع اللذان يعقبان الارتداد 10: 26-31. (ج) تحريضهم بتذكيرهم بغيرتهم السابقة 10: 32-39. (د) المثال الذي يجدونه في أبطال الإيمان السابقين ص11. (ه) مثال المسيح نفسه 12: 1-3. (و) أن ما يقع عليهم من التجارب أنما هو لتأديبهم وإعدادهم للخلاص المجيد 12: 4-29. 5- تحريضات وحث ص13. ويمتاز هذا السفر عن غيره من أسفار العهد الجديد أنه الوحيد الذي يلقب المسيح بالكاهن الأعظم. ويجعل موضوع كهنوت المسيح محور السفر لذلك يثبت الكاتب في الأصحاح الأخير، أن نظام العهد القديم كان إلهيا ولكنه كان وقتيا، أما المسيح، الذي هو الكاهن الأعظم، والذي هو واضع نظام العهد الجديد، فهو الأفضل، إذ أن المسيحية هي هدف التنبؤات القديمة وكمالها، والإعلان الحق عن طريق الخلاص الذي علم بها من قبل - أي أن الكاتب قصد أن يقوي إيمان العبرانيين المسيحيين. ويعتقد، حسب البحث العلمي، أن الرسالة إلى العبرانيين كتبت حوالي 65-68 م. بما أن الهيكل ما زال قائما والذبائح لا زالت تقدم فيه (ص9).

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

جدول بالنباتات والحيوانات المذكورة في الكتاب المقدس

أفنيكي

فهرس بجميع الكلمات

آبَلِ بَيْتِ مَعْكَةَ

مجور مسابيب

ميليتس

إِشَعْيَاءَ

رِسَالَةُ - وَرَسَائِلَ

جِبِعُونَ

أَبُلُّوسُ