اللهَ
هذا اسم الإله خالق جميع الكائنات والحاكم الأعظم لجميع العوالم، والواهب كل المواهب الحسنة. والله [روح غير محدود، أزلي غير متغير في وجوده وحكمته وقدرته وقداسته وعدله وجودته وحقه]، وهو يعلن لنا نفسه بطرق متنوعة وفي أحوال مختلفة متباينة فيظهر لنا في أعماله، وتدبير عنايته (رو1: 20) ولكنه يتجلى غاية التجلي ويظهر ذاته في الكتب المقدسة. وقد أعلن لنا نفسه بأجلى بيان وعلى أكمل كيفية في شخص ابنه الوحيد مخلصنا يسوع المسيح وعن طريق حياته وأعماله.وفي تأملنا في الله نتدبر الأمور الآتية:1- أسماء الله: ويوجد في العهد القديم باللغة العبرية ثلاث مترادفات رئيسية لاسم الجلالة وهي [ألوهيم] و[يهوه] و[أدوناي]. فالاسم الأول مستعمل كثيرا في الأصحاح الأول من سفر التكوين. ويكثر استعماله في مز42-72 تلك المزامير التي سميت بمزامير إلوهيم. ويستعمل على التبادل مع الاسمين الآخرين فيما بقي من أسفار العهد القديم. ويدل هذا الاسم على صفة الله كالخالق العظيم، وعلى علاقته مع جميع شعوب العالم من أمم ويهود. أما الاسم الثاني فيدل على علاقة الله مع بني إسرائيل وهو إله تابوت العهد وإله الرؤيا والأعلان وإله الفداء. أما أدوناي فتستعمل في مخاطبة الله بخشوع ووقار وهيبة. وكان اليهود يستعملون أدوناي عوضا عن يهوه وهي كلمة لم يكونوا يلفظونها على الأطلاق. غير أن هذه الكلمات الثلاث لا ترد في الترجمة العربية بصيغها العبرانية، أنما تستعمل بدلا منها ألفاظ الله ويهوه والرب أو السيد.2- طبيعة الله: الله واحد وهو ثلاثة أقانيم متساوية في الجوهر (مت28: 19 و2 كو 13: 14)، الله الآب، والله الابن، والله الروح القدس، فالآب هو الذي خلق العالمين بواسطة الابن، (مز33: 6 وكو1: 16 وعب1: 2) والابن هو الذي أتم الفداء وقام به، والروح القدس هو الذي يطهر القلب والحياة، غير أن الأقانيم الثلاثة يشتركون معا في جميع الأعمال الإلهية على السواء. ولا تظهر عقيدة التثليث واضحة كل الوضوح في العهد القديم كما تظهر في العهد الجديد. وقد أشير إلى التثليث في تك1 حيث ذكر [الله] و[روح الله] إلخ (قابل مز33: 6 ويو1: 1 و3) و[الحكمة الإلهية] المتجلية في أمثال 8 تقابل [الكلمة] في يو 1. وهي تشير إلى الأقنوم الثاني في اللاهوت، وتطلق الصفات الإلهية على كل أقنوم من هذه الأقانيم الثلاثة على حدته.3- وحدة الله: وهذه ظاهرة بوضوح وجلاء في العهد القديم كما تظهر أيضا في العهد الجديد. غير أن التثليث أمر بين واضح في العهد الجديد ويشار إليه ويفهم ضمنا في العهد القديم. وأعظم داع لأبراز وحدة الله هو أظهار خطأ أشراك آلهة أخرى معه، ومنع عبادة الأوثان التي كانت كثيرة الشيوع في الأزمنة الأولى قديما. ففي تث6: 4 يدعى الله [رَبٌّ وَاحِدٌ] ويدعى في العهد القديم أيضا [الإله الحي] تمييزا له عن آلهة الوثنيين الباطلة. والاعتقاد بأن الله واحد بين جدا وجلي في الديانة اليهودية كما أنه بين جدا في الديانة المسيحية.4- صفات الله: وتظهر صفات الله وأعماله، فقد أكمل جميع الكائنات فهو قدوس (يش24: 19) لا يفنى (1 تي 1: 17) حاضر في كل مكان (مز139: 7 وأع17: 24) قدير (تك17: 1) غير متغير (مز102: 26) عادل (أر9: 24) رحوم (مز136) حكيم (أي12: 13) وهو محبة (1 يو 4: 16) وهناك كثير من الصفات غير هذه التي تظهر في أعماله التي تفوق إدراك العقل البشري وتزيد عن الحصر.\بْنَ اللهَ: أطلق هذا اللقب على المسيا (مز2: 7 ويو1: 49) وهو يدل على العلاقة القوية المكينة بين الآب السماوي والابن الأزلي. وقد استعمل هذا اللقب في العهد الجديد ما يقرب من 44 مرة عن يسوع المسيح. والله الآب يحب ابنه (يو3: 35، 10: 17) الآب هو الذي أرسل الابن ويعمل به (يو3: 16 و17، 8: 42 وغلا4: 4 وعب1: 2) والمسيح بما أنه ابن الله فهو إله بكل الكمالات غير المحدودة التي للجوهر الإلهي (يو1: 1-14، 10: 30-38 وفي2: 6) والابن مساو لله في الطبيعة (يو5: 17-25) ومن هذه الاعتبارات فالمسيح فريد في هذا وهو [ابن الله] ليس من وجهة النظر الجسدية كما يفهم من الكلمة [ولد] أنما يفهم به كتشبيه ليعبر عن مقدار المحبة والتعاون والتساوي في الطبيعة بين الأقنوم الأول والأقنوم الثاني في الثالوث الأقدس.وقد قال المسيح عن نفسه أنه ابن الله (يو5: 17-47، 10: 36، 11: 4) وقد اتهمه كهنة اليهود وحاكموه وحكموا عليه لأنه قال أنه المسيح ابن الله (مت26: 63-66) وكثيرا ما أطلق الرسل هذا اللقب على المسيح (أع9: 20 وغلا2: 20 و1 يو 3: 8، 5: 5 و10 و13 و20).والبراهين على أن المسيح هو ابن الله الأزلي كثيرة في العهد الجديد، فعند معمودية المسيح جاء صوت من السماء قائلا: [هَذَا هُوَ \بْنِي \لْحَبِيبُ] (مت3: 17) وقد جاء الصوت بنفس هذه الكلمات عند تجلي المسيح (مت17: 5) وأن أخلاق الرسل وأعمال المسيح المعجزية لبراهين قوية على أنه ابن الله بواسطة القيامة من الأموات (رو1: 4) وبصعوده إلى السماء (عب1: 3).واستخدم هذا اللقب [ابن الله] عن المسيح بنوع خاص في التحدث عن عمل الفداء العظيم الذي أجراه فهو النبي الأعظم (عب1: 2) وهو الكاهن الأعظم (عب5: 5) وهو الملك الأعظم (عب1: 8).أَبْنَاءَ اللهِ: وقد ورد هذا اللقب:1- للملائكة لأن الله هو خالقهم وضابطهم (أي1: 6، 2: 1، 38: 7 ومز29: 1، 89: 6 ودا 3: 25).2- وقد دعي آدم ابن الله لأن الله خلقه مباشرة (لو3: 38).3- دعي شعب أسرائيل ابن الله أو أبناء الله بما أنهم كانوا موضوع محبته الخاصة وعنايته (خر4: 22 و23 وتث14: 1، 32: 5 و6 و19 وأش43: 6 و7 وهو1: 10).4- استعمل هذا التعبير [أَبْنَاءَ \لله] في العهد الجديد عن المؤمنين بالله بنوع خاص. فيصبح المؤمنون أبناء الله بالميلاد الجديد(يو3: 3 و5 و6 و8) أنهم مولودون من الله بالمعنى الروحي (يو1: 12 و13، 5: 21 وأف2: 5 ويع1: 18 و1 بط 1: 23) وعليهم أن ينموا في مشابهتهم لله في القداسة والمحبة (1 يو 3: 9، 4: 7، 5: 4) وقد صار المؤمنون أبناء الله بالتبني (غلا4: 5) ويعلمهم الروح القدس أن يقولوا [أبا أي الآب] (غلا4: 6 ورو8: 15) وروح الله القدوس هو الذي يرشدهم ويقودهم (رو8: 14).5- أما معنى التعبير [أَبْنَاءَ \لله] الوارد في تك6: 2 فقد حدث كثير من النقاش حول تفسيره:(ا) فمنهم من قال أن [أَبْنَاءَ \لله] المقصودين في هذا الموضع هم الملائكة (انظر رقم 1 أعلاه) الذين تركوا حالتهم السماوية واتخذوا لأنفسهم زوجات من بنات الناس. وقد ورد هذا التفسير في الترجمة السبعينية في سفر أخنوخ. وكذا قال به فيلو ويوسيفوس وجستن مارتر وأكليمندس الأسكندري وترتليان.(ب) واعتقد الآخرون أن العبارة [أَبْنَاءَ \لله] الواردة في تك6: 2 تعني الناس الأتقياء عباد الله وبنوع خاص نسل شيث الصالح وقد تزوج هؤلاء نساء لم يكن من النسل الصالح ولذا فقد حل بهم القصاص. ويؤيد هذا الرأي من النصوص الواردة في رقم 3 و4 من هذا البند. وقد قال به أيضا يوليوس أفريكانوس وكريسستم (يوحنا فم الذهب) وكيرلس الكبير بطريرك الأسكندرية وأوغسطينوس وجيروم.