بِئْرِ - آبَارِ
البئر حفرة في الأرض تصل إلى نبع مياه. وكان حفر الآبار أمرا ضروريا في برية اليهودية، لجفاف جوها. وكانت أكثر هذه الآبار إن لم تكن كلها تخص أناسا معلومين (عد21: 22) إلا أن بعضها كان قليل العمق يخرج منها في الحال ينبوع ماء غزير (انظر عين) وذلك نادر. وبعضها على عمق عظيم (يو4: 11) وكان ينفق الأهلون في حفرها مبالغ جسيمة. وكان بعض هذه الآبار ملكا لأفراد، والبعض الآخر تملكه الجماعة (تك29: 2و3). وكانوا يردمونها إذا وقع خصام بين من حفروها وغيرهم (تك 26: 15) وكانوا يستقون الماء منها بواسطة دلو (يو 4: 11) وقد يستعملون بكرة لرفع الدلو (جا 12: 6) أو يستقون عن طريق الرافعة (الشادوف) كما يفعل بعض الأعراب إلى يومنا هذا. ومن الآبار المشهورة بئر بيت لحم (2صم23: 15 و1 أخ 11: 17و18) وبئر عسق وسطنة ورحوبوت (تك 26: 20-22) التي حفرها أسحق في أرض جرار. وبئر هاجر (تك 21: 19) وبئر حاران (تك 29: 3 و4) التي عندها قابل يعقوب راحيل لأول مرة. وبئر يعقوب (يو4: 6) التي عندها قابل يسوع المرأة السامرية. وكان أكثر اليهود يجمعون مياه المطر أو غيرها في صهاريج أو أحواض، يبطنونها بخشب أو يملطون جوانبها بطين ثم يسقفونها ليجتمع فيها الماء ويبقى نظيفا. وقد ينحتونها في الصخر بعناية عند سفوح التلال. وكانوا يستعملون هذه الصهاريج الفارغة التي يبقى في قاعها الطين اللزج، لحبس من يريدون حبسهم كما جرى مع يوسف (تك37: 24-29) ومع إرميا (إر38: 6) وإلى ذلك أشار المرنم في الكلام عن جب الهلاك وطين الحمأة في مز40: 2 وكان أولئك المنكودو الحظ يقاسون في تلك الورطة الوخيمة أشد العذاب. ولم تزل للآن في أرض فلسطين آبار وصهاريج كبيرة وكثيرة العدد باقية من أيام القدم أكثرها مشققة وغير نافعة، وإلى هذه يشير النبي بقوله [آبَاراً آبَاراً مُشَقَّقَةً لاَ تَضْبُطُ مَاءً] (لا فائدة منها) (إر2: 13). وكان أهالي أورشليم يعتمدون الاعتماد كله على مياه تلك الصهاريج لجمع الماء أثناء فصل الشتاء، فكانت تكفي سكان المدينة في وقت الحصار مدة ليست بقليلة بعد انقطاع الماء الجاري إليها عن طريق القنوات. ولما كان الصخر تحت مدينة أورشليم كلسيا، كان من السهل على أهلها حفر الآبار. فكان لكل أسرة بئر أو اثنتان أو أكثر خاصة بها. وهاك أقيسة أربعة منها مختصة ببيت واحد: (1) 15 قدما طول × 8 عرض في 12 عمق. (2) 8×4× 15. (3) 10×10× 15. (4) 30×30×20. إذا قابلنا فلسطين مع غيرها من البلدان كالبلاد الأوربية مثلا، نرى أن الأنهار والينابيع فيها قليلة جدا بالنسبة إلى أنهار وينابيع أوربا. فلا عجب إذا إذا بذل سكانها الجد والاجتهاد والدرهم والدينار في حفر الآبار والصهاريج وبنائها لتقوم مقام الأنهار والينابيع. وكانوا يعتنون الاعتناء كله بنظافتها، فيبنون على أفواهها أرصفة من الحجارة النظيفة، ويغطونها بحجر كبير يمنع الأوساخ عنها. (تك29: 2و3). وكانت تقام على جانب الآبار الحياض والمساقي والأجران لتشرب منها الماشية والقطعان. ولم تصنع هذه الآبار في المدينة فقط بل كان منها مئات وألوف في الحقول والطرقات لأجل فائدة المواشي والفعلة والحصادين والمسافرين. وأكثر الآبار الموجودة في الأرض المقدسة الآن أنما هي من صنع الأقدمين كما تشاهد ذلك في الأطلال القديمة والطرق المهجورة كالطريق التي بين إريحا وبيت لحم، وعدة أماكن أخرى. ومركز هذه الآبار على الغالب في الأودية والأماكن المنخفضة حيث تنحدر إليها مياه الأمطار بسهولة، أو تترشح بين طبقات الأرض وتتجمع فيها. ولقلة الماء في فلسطين، كانت هذه الآبار والصهاريج عند الأهلين أفضل من جميع مقتنياتهم فكثيرا ما كانت تقع بينهم الخصومات من أجلها حتى كان يؤول ذلك أحيانا إلى حروب هائلة بين القبائل المتخاصمة عليها. انظر كلمة [ماء]. وكانت موارد المياه هذه أمكنة تجمع الناس ومواقع مشهورة كما نقول اليوم [ساحة المدينة] وهذا يوضح القول [وعلق داود ركاب وبعنة أخاه، ابني رمون اللذين قتلا أيشبوشث على بركة حبرون] (2 صم 4: 12).