بُولُسَ
1- الاسم والعائلة. 2- ثقافته. 3- اضطهاده للمسيحيين. 4- تجدده. 5- فترة الاستعداد والتعارف. 6- في كنيسة أنطاكية. 7- ملخص حياته وتواريخ حوادثها. 8- رسائله وتواريخ ومكان كتابتها. 9- تقديره. 1- الاسم والعائلة: بولس رسول الأمم العظيم. كان اسمه العبري شاول أي [مطلوب] وتسمى بهذا الاسم في سفر الأعمال إلى أع13: 9 حيث قيل [أَمَّا شَاوُلُ، \لَّذِي هُوَ بُولُسُ أَيْضاً] ومن ذلك الوقت إلى آخر سفر الأعمال دعي بولس ومعناه [الصغير]. وظن البعض أنه أخذ الاسم من [سرجيوس بولس] والي قبرص وهذا مستبعد جدا. ولكن الرأي السائد وهو الصواب هو أن شاول كان له اسم آخر معروف به عند الأمم هو بولس وقد ذكر اسمان لبعض اليهود (أع1: 23، 12: 12 وكو4: 11). ولد بولس الرسول في طرسوس في ولاية كيليكية من أعمال الأمبراطورية الرومانية حيثما صرف مدة طفوليته. ومن حصوله على الرعوية الرومانية (أع22: 25-29 (نستنتج أنه كان من عائلة شريفة وعلى الأقل ليست فقيرة وصاحبة نفوذ فإنه في رو16: 7 و11 نجده يرسل التحية إلى ثلاثة أنسباء له ويظهر أن الأولين اعتنقا المسيحية قبله. ومن أع23: 16 نعلم أن ابن أخته نقل إليه خبر المؤامرة ضده، ويحتمل أنه كان موظفا أو ذا نفوذ يجعله يعرف مثل هذه الأسرار. ويدل على شرف محتده ما نال من شرف ونفوذ في السنهدريم وبين القادة اليهود (أع9: 1 و2، 22: 5 وفي3: 4-7). وكان أبوه فريسيا من سبط بنيامين وقد ربي على الناموس الضيق (أع23: 6 وفي3: 4-7 (ولكنه ولد وهو يتمتع بالرعوية الرومانية. 2- ثقافته: كانت طرسوس مركزا من مراكز التهذيب العقلي. فقد كثرت فيها معاهد العلم والتربية. وكانت مركزا للفلسفة الرواقية التي ظهر تأثيرها في كثير من تعبيرات الرسول عن المبادئ المسيحية. وسبق القول أنه لا بد أن يكون ألم في صغره بالتاريخ المقدس من الكتاب وتاريخ اليهود من التقاليد. وكسائر صبيان اليهود تعلم حرفة يلجأ إلى الاكتساب منها إذا احتاج. وكانت الحرفة التي تعلمها بولس صنع الخيام (أع18: 3) فلا يدل ذلك على فقر أو ضعة. ولما أتم تحصيل ما يمكن تحصيله في طرسوس أرسل إلى أورشليم عاصمة اليهودية ليبحر في الناموس. ومن أع22: 3 نعرف أنه تربى عند رجلي غمالائيل وكان هذا من أشهر معلمي الناموس ومفسريه فأصبح بهذا وبما له من العلم والمعرفة والاستعداد أكثر تأهلا وكفاءة للتبشير. فقد تأهل أكثر من سائر الرسل للمداخلة والتبشير بين اليهود واليونانيين والرومانيين والبرابرة. ويظهر أن شاول ذهب إلى أورشليم في صغر سنه (أع26: 4 (وأنه له من العمر 20 أو 22 سنة حينما شرع مخلصنا يظهر ذاته للناس. 3- اضطهاده للمسيحيين: كان أول ذكر لبولس في سفر الأعمال 7: 58 أن الشهود في محاكمة أستفانوس [خَلَعُوا ثِيَابَهُمْ عِنْدَ رِجْلَيْ شَابٍّ يُقَالُ لَهُ شَاوُلُ] مما يدل مع ما جاء في أع8: 1 أنه صاحب نفوذ وأنه كان راضيا بقتله أي أنه كان على الأغلب ضمن المذكورين في أع6: 9 الذين ساقوا التهم ضد الشهيد الأول. فيظهر هنا كشخص متعصب يكره الفكرة أن ذلك المصلوب هو المسيا ويعتقد أن تابعيه كانوا خطرا دينيا وسياسيا. وبضمير مستريح كان يقوم بنصيب وفير في محاولة أرجاع هؤلاء أو قطع دابرهم (أع8: 3، 22: 4، 26: 10 و11 و1 كو 15: 9 وغلا1: 13 وفي3: 6 و1 تي 1: 13 (قام بهذا الاضطهاد بقسوة شخص يثيره ضمير مضلل. فلم يكتف بمهاجمة أتباع ذلك الطريق في أورشليم بل لاحقهم في خارجها. وفي كل ذلك كان يظن أنه يؤدي خدمة لله والناموس. 4- تجدده: كان ذلك في الطريق إلى دمشق في وسط النهار عندما أبرق حوله نور من السماء فسقط على الأرض (أع9: 3 (وكان معه رجال وقفوا صامتين يسمعون الصوت (9: 7) وأن كانوا لم يميزوا الألفاظ (22: 9 (ومن القول [صَعْبٌ عَلَيْكَ أَنْ تَرْفُسَ مَنَاخِسَ] نرجح أن شاول لا بد كان يتساءل في نفسه [ألا يمكن أن يكون هؤلاء الناس صادقين ومخلصين؟ إلا يمكن أن يكون هذا المصلوب هو المسيا؟ وإلا فكيف يعلل تمسكهم بهذا الاعتقاد حتى الموت؟] ومن أع22: 20 يظهر أن غيرة أستفانوس وصبره وشجاعة احتماله لم تكن في مقدوره لو لم توجد قوة سرية تعاونه. كان ضميره ينخسه وجاءته الدعوة فلبى بإخلاص وولد ولادة ثانية. وقد ذكر الحادث لوقا البشير في أع9: 3-32 وكرر ذكره بولس نفسه مرتين في أع22: 1-16، 26: 1-26. وفي رسائله ألمح بولس للموضوع بكل بساطة وأخلاص (1 كو 9: 1، 15: 8-10 وغلا1: 12-16 وأف3: 1-8 وفي3: 5-7 و1 تي 1: 12-16 و2 تي 1: 9-11 (مما يثبت حقيقة الموضوع ويبدد كل شك فيه. وأنه من المؤكد أيضا أن الرب يسوع لم يتكلم فقط مع بولس بل أيضا ظهر له فرآه مرأى العين (أع9: 17 و27، 22: 14، 26: 16 و1 كو 9: 1 (وبينما لا يتضح الشكل الذي رآه بولس فيه إلا أنه كان أكيدا وواضحا مما جعله يتحقق أن يسوع هو ابن الله الحي، فادي البشرية (أع26: 19). فلم يكن شاول تحت أي تأثير عقلي أو تخبل هستيري بل سمع فعلا ورأى فعلا ثم عاش طويلا يردد ويوضح اقتناعه وقاسى ما قاسى برضى وثقة وصبر (2 تي 4: 7 و8) إلى آخر أيامه. 5- فترة الاستعداد والتعارف: كان الأمر لشاول [قُم وَ\دْخُلِ \لْمَدِينَةَ فَيُقَالَ لَكَ مَاذَا يَنْبَغِي أَنْ تَفْعَلَ] (أع9: 6 (فأطاع وجاءه حنانيا بعد أن بقي أعمى مصليا ثلاثة أيام وأبلغه برنامج حياته (أع9: 15-19 (ومن العدد الأخير نفهم أنه بعد أن بقي أياما في دمشق اختلى مع ربه في العربية ثلاث سنين (غلا1: 16 و17) ثم رجع ملتهبا بنفس الغيرة التي كان يحارب بها يسوع وأنما الآن شهد بها ليسوع (أع9: 20-25 (ولما حاولوا قتله هرب إلى أورشليم حيث رحب به برنابا وقدمه للرسل، وحيث بشر بمجاهرة جعلت اليونانيين في أورشليم يحاولون قتله فذهب إلى قيصرية ومنها إلى طرسوس مسقط رأسه (أع9: 26-30). ولا نعرف شيئا عن الوقت الذي قضاه في طرسوس ولا كيف صرفه وأن كان يرجح الكثيرون أن الزمن استغرق نحو ست أو سبع سنوات وأنه فيها أسس الكنائس المسيحية في كيليكية المذكورة عرضا في أع15: 41. 6- في كنيسة أنطاكية: من أع11: 20-30 نعرف أن شاول بقي في طرسوس وما حولها في كيليكية إلى أن نشأت كنيسة أنطاكية وأرسل إليها برنابا الذي تذكر الشاب الذي اهتدى [شاول] وتذكر مقدرته في إقناع الأمميين ففتش عليه إلى أن وجده ودعاه إلى أنطاكية. ومنها أرسل برنابا وشاول إلى المسيحيين في أورشليم ومعهما عطية مادية لأعانتهم وقت الجوع. ثم جاءت الدعوة السماوية للتبشير في الخارج (أع13: 2-4 (وبدأت رحلات هذا الرسول التبشيرية التي كان من نتائجها نشر الأنجيل في آسيا الصغرى والبلقان وإيطاليا وأسبانيا. 7- ملخص حياة بولس وتواريخ حوادثها حسب إجماع الباحثين: -- تجديد بولس 35 م. -- سكناه في العربية 35-37 م. -- السفر الأول إلى أورشليم 37 م. (غلا1: 18 (وسكناه في طرسوس ثم أنطاكية (أع11: 26 (37-44 م. -- السفر الثاني إلى أورشليم مع برنابا لتخفيف غوائل الجوع 44 م. -- السفرة الأولى التبشيرية في الخارج مع برنابا إلى قبرص وأنطاكية بيسيدية وأيقونية ولسترة ودربة ورجوعه إلى أنطاكية 45-49 م. -- المجمع الرسولي في أورشليم، الخصام بين العنصر اليهودي والأممي في الكنيسة. -- سفره الثالث إلى أورشليم مع برنابا وتيطس، تسوية الخصام، الاتفاق بين اليهود والأمم المؤمنين، رجوع بولس إلى أنطاكية (أع15) مباحثته مع بطرس وبرنابا في أنطاكية (غلا2: 11-21 (ومعارضته برنابا بسبب مرقس 50 م. -- السفرة التبشيرية الثانية مع سيلا (أع15: 40-18: 18 (إلى سورية وكيليكية ودربة ولسترة وليكأونية وغلاطية وترواس ثم العبور إلى أوربا، فيلبي وتسالونيكي وبيرية وأثينا وكورنثوس 51 م. -- بقاؤه سنة ونصف في كورنثوس وكتابة رسالتي تسالونيكي 52-53 م. -- السفر الرابع إلى أورشليم وبقاؤه مدة وجيزة في أنطاكية (أع18: 21-23 (بقاؤه ثلاث سنين في أفسس، كتابته رسالة غلاطية والرسالتين الأولى والثانية إلى أهل كورنثوس (سنة 56 أو 57) ورحلته إلى مكدونية وكورنثوس وكتابته الرسالة إلى أهل رومية (سنة 57 أو 58). -- سفره الخامس إلى أورشليم (في الربيع) وألقاء القبض عليه وأرساله إلى قيصرية 58. -- سجنه في قيصرية، أجراء محاكمته أمام فيلكس وفستوس وأغريباس (أع24: 24-26: 32 ((وفي هذه الفترة يظن أن لوقا شرع في كتابة أنجيله وسفر الأعمال) سنة 58-60. -- سفره إلى رومية (في الخريف) وانكسار السفينة بقرب مالطة وقدومه إلى رومية في ربيع سنة 61. -- سجنه الأول في رومية، وكتابته الرسائل إلى كولوسي وأفسس وفيلبي وفليمون سنة 61-63. -- حريق رومية في شهر تموز (يوليو) واضطهاد المسيحيين أيام نيرون واستشهاد بولس (وذلك على رأي من اعتقد بأن بولس سجن مرة واحدة فقط في رومية سنة 64). من يظن أن بولس أسر ثانية، يرتئي أنه أطلق من أسره الأول في رومية سنة 63 وسافر إلى المشرق وربما إلى أسبانيا وزار أفسس ومكدونية وكريت. فإذا صح هذا الرأي كانت كتابته للرسالة الأولى إلى تيموثاوس والرسالة إلى تيطس في خلال هذه الفترة (بين سنة 64 وسنة 66). -- سجنه الثاني وكتابته الرسالة الثانية إلى تيموثاوس (سنة 67 ميلادية). -- استشهاد بولس سنة 67 أو 68 م. 8- رسائل بولس وتواريخ كتابتها: إلى أهل تسالونيكي الأولى والثانية في سنة 52 و53 مسيحية، في كورنثوس. إلى أهل غلاطية في سنة 56-57 مسيحية، في أفسس. إلى أهل كورنثوس الأولى والثانية في سنة 57 و58 مسيحية، في أفسس ومكدونية. إلى أهل رومية في سنة 58 مسيحية، في كورنثوس. إلى أهل كولوسي وأفسس وفيلبي وفليمون سنة 61-63 مسيحية، في رومية. إلى العبرانيين (على قول البعض) سنة 64 مسيحية، من إيطاليا. تيموثاوس الأولى وتيطس بين سنة 64 وسنة 66 مسيحية، من مكدونية. تيموثاوس الثانية سنة 67 مسيحية، من رومية. 9- تقديره: وإذا اعتبرنا تغير بولس من عدو ألد إلى تابع كرس حياته بكليتها للديانة المسيحية، مع ما كان عليه من طهارة وعلو شأن وقوة ذهن وحذق، وكثرة أتعاب في التبشير، وما كان من سيرته منذ رجوعه إلى الرب في طريق دمشق إلى استشهاده في رومية - إذا اعتبرنا كل هذا - حكمنا أن بولس رجل فريد بين المسيحيين. وكان أنسانا بلا مال، بلا عائلة، وقام في وجهه عالم مضاد، وتجند لخدمة المسيح الذي كان قد اضطهده ثم بواسطة رسائله ومثاله لا يزال يسود على اعتقاد المؤمنين ويقود عبادتهم في كل أقطار العالم. وفي كل خدمته كان المسيح فيه وروحه يلهمه.