سَبْتٌ

كلمة عبرانية معناها [راحة]، وقد بدأ التفكير في يوم السبت على أنه اليوم الذي يترك فيه الإنسان أشغاله المادية حتى يستريح قديما، وذلك تذكارا لليوم السابع من الخليقة [وَبَارَكَ \للهُ \لْيَوْمَ \لسَّابِعَ وَقَدَّسَهُ، لأَنَّهُ فِيهِ \سْتَرَاحَ مِنْ جَمِيعِ عَمَلِهِ \لَّذِي عَمِلَ \للهُ خَالِقاً] (تك2: 1-3) ويقول سفر الخروج 20: 8-11 يجب أن نستريح في اليوم السابع لأن الله استراح فيه من الخليقة. وقد منع الله نزول المن لأسرائيل في اليوم السابع حتى يستريحوا (خر16: 22-30). ثم تطور التفكير عن يوم السبت حتى أمر الله في الوصية الرابعة بحفظ السبت لأن: [بَارَكَ \لرَّبُّ يَوْمَ \لسَّبْتِ وَقَدَّسَهُ]. وأمر الله أن يستريح الإنسان والحيوان ونزيل البيت في السبت، لا لأنه استراح فيه فحسب، بل لأنه باركه وقدسه أيضا. وعلى هذا فأنه عندما كسر أحد اليهود السبت قتلوه بدون رحمة (عد15: 32-36). ومن هذا نرى أن يوم السبت كان يوما واضح المعالم مرعيا في أسرائيل من الجانب الديني للعبادة، ومن الجانب الاجتماعي لأراحة المشتغلين والعبيد (تث5: 12-15). وقد حاول البعض أن يرجعوا السبب في حفظ يوم السبت إلى حفظ البابليين له، فقد كان هؤلاء يحفظون اليوم السابع والرابع عشر والحادي والعشرين والثامن والعشرين من كل شهر، مهما كان اسم اليوم، وكانت شرائعهم تقول أن الملك لا يأكل اللحم المطبوخ على الفحم في هذه الأيام، ولا يغير ثياب جسده، ولا يلبس ثيابا نظيفة، ولا يقدم ذبيحة، ولا يركب في عربة، ولا يتكلم في قضية، ولا يجوز للرائي في هذه الأيام أن يقدم للناس ما يرى، ولا يجوز للطبيب أن يضع يده على جسد إنسان. وعند المساء يأتي الملك بتقدماته للآلهة. لكن هذه الأيام كانت تحفظ تبعا لنور القمر، وواضح من التاريخ الكتابي أن حفظ يوم السبت عند اليهود كان تبعا لنور أعظم من نور القمر، وهو الأمر الإلهي ونور الإعلان السماوي، فلا علاقة أساسية بين الغرض من تقديس يوم الله ويوم بابل، فإن السبت العبري يوم عينته إرادة الله. وقد بقي اليهود يحفظون يوم السبت بمواظبة، حتى تطرفوا في ذلك، فحفظوه حفظا حرفيا أحيانا، وخلطوه بعبادات الأوثان أحيانا أخرى، فأرسل لهم الله الأنبياء ليرشدهم إلى حفظ السبت حفظا روحيا، حسب رغبة الله (2 مل 4: 23 وعا8: 5 وهو2: 11 وإش1: 13 وحز46: 3). وفي فترة السبي التي قضاها اليهود في بابل نسوا حفظ السبت، فبدأ رجال الله يشددون على حفظه بعد العودة إلى كنعان، وجاهد نحميا جهاد الأبطال ليعيد إلى يوم السبت مكانته القديمة (نح10: 31، 13: 15-22). وفي فترة ما بين العهدين انتشرت مجامع اليهود، فكانوا يقضون يوم السبت في دراسة الناموس وفي الراحة من أشغالهم العالمية. وقد شددوا في حفظ يوم السبت حتى أنهم لم يرفعوا سلاحا ضد مهاجميهم في هذا اليوم المقدس. فأهلك المهاجمون منهم كثيرين (1 مكابيين 2: 29-38). ولكنهم عادوا وتجاوزوا عن الحرب في يوم السبت للدفاع عن النفس في حالة الهجوم عليهم (1 مكابيين 2: 39-41). وفي الفترة الواقعة بين عزرا والمسيح زاد اليهود عددا من القوانين التقليدية التي يجب حفظها في يوم السبت، تاركين الرحمة والحق التي هي الأمور الرئيسية الواجبة فيه. وعندما جاء المسيح كان موضوع حفظ السبت هو مادة النزاع الأولى بين المسيح وبين شيوخ اليهود. فقد أرادوا حفظ اليوم حرفيا كعبيد للسبت، بينما علم المسيح أن السبت أنما جعل لأجل الإنسان (مر2: 27). ولم يجرد المسيح يوم السبت من قيمته كيوم للعبادة، فقد ذهب دوما إلى المجامع للصلاة في يوم السبت (لو4: 16) ولكنه كان يتحنن ويعمل المعجزات في يوم السبت لأنه رب السبت (مر2: 28). وكان يريد ليوم السبت أن يكون يوم الخدمة وعمل الرحمة. وقد قدس المسيحيون الأولون يوم السبت، ولكن اليوم الأول من الأسبوع أي (الأحد) حل تدريجيا محل اليوم السابع، وكان المسيحيون الأولون يجتمعون فيه للصلاة، فقد جعلت قيامة ربنا قيمة خاصة لهذا اليوم الأول من الأسبوع. وفي قرار المجمع المسيحي الأول لم يفرض قادة الكنيسة الأولى حفظ يوم السبت اليهودي على أحد (أع15: 28 وإلخ) فلم تعد هناك إلزامية حفظ يوم السبت اليهودي. وقد نقل المسيحيون إلى اليوم الأول من الأسبوع أفضل ما في السبت اليهودي، وتخلصوا من كل الأخطاء التي ألصقها به اليهود. على أن هذا لا يعني عدم حفظ يوم الأحد بدقة، فإن السبت كناموس أدبي أمر باق، والسنة التي بني عليها لا تتغير بتغيير السبت إلى الأحد، فأنه يجب علينا أن نستريح يوما في كل أسبوع بعد الكد والتعب كما أننا ينبغي أن نعطي الله سبع الوقت مكرسا تماما له. غير أن غاية المسيحي من حفظ الأحد تختلف عن غاية اليهودي من حفظ السبت، فإن المسيحي ينظر إلى يوم الأحد واثقا بالفادي الذي قام فيه منتصرا من الأموات ليتمم له عمل الفداء. وهناك جماعة من المسيحيين يفتكرون أن المسيحيين ينبغي أن يحفظوا يوم السبت لا يوم الأحد، لكن قيامة المسيح غيرت يوم السبت إلى الأحد بقوة إلهية، وقد اعتاد المسيحيون الأولون أن يجتمعوا للعبادة المسيحية في أول الأسبوع كما هو ظاهر في الإنجيل. وكان بعض المسيحيين الأولين يحفظون كلا من السبت اليهودي ويوم الرب المسيحي، غير أنهم لم يحفظوا اليومين بكيفية واحدة، لأنهم حفظوا السبت اليهودي كصوم استعدادا ليوم الرب المسيحي. واستمر هذا مدة أربعة قرون، ثم انتهى أمره بعد أن منعه مجمع لاودكية الكنسي في عام 364 م. واعتمدوا في ذلك على اجتماع المسيح بتلاميذه في اليوم الأول من الأسبوع دائما. ويخبرنا تاريخ الكنيسة أنها حفظت اليوم الأول من الأسبوع بناء على أوامر الرسل. وقد كتب أغناطيوس داعيا بحفظ يوم الأحد كيوم الرب الذي به قيامة الحياة لنا، وقال الشهيد جستينوس: [نجتمع سوية يوم الأحد لأنه اليوم الأول الذي فيه غير الله الظلمة إلى نور، والعدم إلى وجود، وفي هذا اليوم قام مخلصنا يسوع المسيح من الأموات]. وشهد أثناسيوس الأسكندري: [أن الله قد غير يوم السبت إلى يوم الرب]، وقال يوسيبيوس العالم في أصول الديانة المسيحية: [والكلمة (المسيح) بالعهد الذي قطعه معنا غير وليمة السبت إلى نور الصباح وأعطانا المخلص يوم الرب رمزا للراحة الحقيقية. ففي هذا اليوم يجب أن نسلك بموجب الشريعة الروحية، وكل ما يمكننا أن نعمله يوم السبت فقد نقل إلى يوم الرب، وقد أعلن لنا أنه يجب أن نجتمع في مثل هذا اليوم]. ومن الأدلة الكتابية على حفظ الأحد بدل السبت (يو20: 19 وأع20: 7 و1 كو 16: 2 ورؤ1: 10).

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

جدول بالنباتات والحيوانات المذكورة في الكتاب المقدس

أفنيكي

فهرس بجميع الكلمات

آبَلِ بَيْتِ مَعْكَةَ

مجور مسابيب

ميليتس

إِشَعْيَاءَ

رِسَالَةُ - وَرَسَائِلَ

جِبِعُونَ

أَبُلُّوسُ