مواليد

كان للنسب وقع عظيم في أفكار العبرانيين كسائر شعوب الشرق من كثرة جداول المواعيد في الكتاب المقدس، ولا سيما في الأسفار التاريخية من العهد القديم التي لها فضلا عن فائدتها التاريخية إفادة روحية لأنها تبين أمانة الله في إنجاز مواعيده، لا سيما وعده بإرسال المسيح من نسل داود لفداء العالم. وكتاب المواليد الأول هو ما ذكر فيه نسل قايين (تك4: 17-24). ثم كتاب مواليد شيث بن آدم (تك5). وكتاب مواليد بني نوح (تك10 و11). ولهذه الجداول أهميتها في التاريخ العبري (عد1: 2 و18 و1 أخ 5: 7 و17). وفي أيام عزرا خلع البعض من الكهنوت لأنه لم يعثر على أثر لجداول أنسابهم (عز2: 61 و62 ونح7: 63 و64). ويبدو أن هذه الجداول نقلت عن جداول رسمية حفظت أشد الحفظ، فإن مأموري خدمة الهيكل كانوا يعنون بموجب هذه الجداول. ويظهر من سفري عزرا ونحميا أن هذه الجداول حفظت مدة السبي وبعده ودونت في الكتاب المقدس. ومما يدل على تقدير الشعب لهذه المواليد، بالنظر إلى أهميتها الشعبية والقومية، وهو حفظها في الأسر الفقيرة بدليل أن يوسف عرف أنه من عائلة داود فتوجه إلى بيت لحم لكي يكتتب (لو2: 4). ويرجح أن الجداول ما عدا تلك التي حفظت في الكتاب المقدس، أتلفت عند خراب الهيكل الأخير، ولم يكن لها لزوم بعد ذلك إذ كان المسيح قد جاء وتحققت نسبته إلى داود. وقد تفرق الكهنة الذين من نسل هارون وتشتت الشعب اليهودي في جميع الأقطار. مواليد الرب يسوع المسيح ليس في العهد القديم جدول نسب إلا لشخص واحد هو الرب يسوع. وهذا النسب مذكور في إنجيلي متى ولوقا (مت1: 1-17 ولو3: 23-38). ولكن هناك شيء من الصعوبة في فهم جدوليهما. وهذه الصعوبة ناتجة من عدم معرفة الجميع اصطلاحات اليهود القديمة في أمر الجداول النسبية. فإذا نظرنا إلى جدول متى منفردا، دون التفات إلى جدول لوقا، نرى أنه ترك ثلاثة ملوك بين يورام وعزريا )انظر مت1: 8). وهم أخزيا ويوآش وأمصيا (انظر 2 مل 8: 25، 11: 2، 12: 21). وكذلك يهوياقيم الذي كان بين يوشيا ويكنيا (2 مل 23: 34). وهو متروك أيضا. فإذا ذكرت هذه الأربعة يصير القسم الثاني ثمانية عشر جيلا عوضا عن أربعة عشر، وهذا يوجب تكرار اسم داود أو اسم يكنيا. ومما هو جدير بالذكر أن جداول النسب عند العبرانيين لم تكن تذكر إلا الأشخاص الذين لهم أهمية يستحقون لأجلها أن يذكروا، فمثلا انظر تك46: 12 و15 و18 21 و22 و25. ثم إذا قابلنا جدول متى بجدول لوقا نجد فروقا جمة فسرت تفاسير شتى. وهذه الفروق تبرهن استقلال كل من البشيرين عن الآخر في ما كتبه واعتماده على مصادر تختلف عن مصادر الآخر، ولكنها ليست أقل منها أهمية ووثوقا. والجدولان متماثلان من إبراهيم حتى داود، ومنه يتبع متى تسلسل الفرع المالك من نسل داود بواسطة سليمان، ويتبع لوقا تسلسل الفرع الأصغر بواسطة ناثان بن داود. وقد ذكر لوقا 25 اسما بين داود وزربابل، أما متى فذكر خمسة عشر اسما فقط. وجميع الأسماء، ما عدا شألتئيل مختلفة في الجدول الواحد عن الآخر. وذكر لوقا 17 اسما بين زربابل ويوسف أما متى فذكر تسعة فقط وجميعها تختلف عن تلك. وأهم فرق هو أن متى يقول عن يوسف أنه ابن يعقوب، بينما يقول لوقا أنه ابن هالي. ولا يمكن أن يكون ابنا للاثنين، ولا يحتمل أن يكون الاسمان اسمي شخص واحد. ولهذا قدمت الآراء الآتية تعليلا لهذا الفرق: 1- أن إحدى البشارتين تذكر النسب الشرعي والأخرى النسب الطبيعي. هذا هو التعليل القديم وهو يفرض حدوث زيجة واحدة أو أكثر في عائلة يوسف من نوع زواج الأخ بأرملة أخيه الأكبر المتوفي بلا عقب، فيحسب أولاد الزيجة الثانية حسب الشرع الموسوي، أولاد الزوج الأول، مع أنهم طبيعيا أولاد الزوج الثاني أو الأخ الأصغر، فيحتمل أن يكون يعقوب وهالي أخوين شقيقين (أو غير شقيقين، أي من أم واحدة، ولكن من والدين مختلفين) تزوج أحدهما والدة يوسف، ثم توفى بلا عقب، فتزوجها أخوه فولدت له يوسف، فذكره لوقا كابن لهالي حسب الشريعة، مع أنه حسب التسلسل الطبيعي، وفي الحقيقة ابن يعقوب كما ورد في متى. هذا هو الرأي القديم الذي لا يتمسك به اليوم إلا قليلون من اللاهوتيين. 2- وهناك رأي آخر، وهو أن متى أثبت جدول نسبة يوسف الشرعية أو الملوكية، أما لوقا فذكر نسبة يوسف الشخصية. فيكون أحدهما قد أثبت سلسلة الوراثة لعهد داود وسليمان، والآخر جدول التسلسل الطبيعي بواسطة ناثان وأفراد من غير الفرع المالك، ولكن من فرع قريب. إلا أنه يعترض على هذا الرأي أنه لو كان الأمر كذلك، لما حق لمتى أن يستعمل كلمة ولد بين أسماء الأشخاص المذكورين في جدوله، لأن فرع سليمان الملوكي انتهى بيكنيا، الذي يبدو أنه مات بلا عقب (إر22: 30). 3- أما التعليل الثالث فهو أن متى أثبت جدول نسب يوسف، ولوقا جدول مريم. فكان هالي والد مريم وحما يوسف، وبذلك يكون جد يسوع. وحيث أن لوقا كتب إنجيله للأمم وغرضه أن يبرهن أن المسيح هو من نسل المرأة، فتتبع نسب يسوع الطبيعي أو الحقيقي بواسطة أمه مريم في فرع ناثان، وقد بين ذلك في ملاحظته الاستدراكية إذ قال عن يسوع أنه على ما يظن ابن يوسف (ولكن في الحقيقة) ابن هالي أو حفيده عن جانب الأم أو سبطه. وكان اليهود دائما يقولون عن مريم أنها ابنة (هالي). أما متى، الذي كتب إلى اليهود، فأثبت نسب يسوع حسب الشريعة (وذلك دائما يتبع الذكور) بواسطة يوسف الذي نسب إليه حسب الشريعة في فرع سليمان.

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

جدول بالنباتات والحيوانات المذكورة في الكتاب المقدس

أفنيكي

فهرس بجميع الكلمات

آبَلِ بَيْتِ مَعْكَةَ

مجور مسابيب

ميليتس

إِشَعْيَاءَ

رِسَالَةُ - وَرَسَائِلَ

جِبِعُونَ

أَبُلُّوسُ