يوحنا
صيغة عربية للاسم [يوحنان] في أسفار الأبوكريفا والعهد الجديد. 1- أبو متياس مثير الفتنة المكابية (1 مكابيين 2: 1). 2- ابن متياس الأكبر (1 مكابيين 2: 2). 3- رجل طلب إلى أنتيوخوس الكبير أن يمنح اليهود امتيازات خاصة )2 مكابيين 4: 11). 4- ابن سمعان المكابي (1 مكابيين 13: 53، 16: 1). وعرف باسم يوحنا هركانوس. وقد عينه أبوه قائدا حوالي سنة 142 ق.م. )1 مكابيين 13: 53). وهزم كندبايوس في معركة دارت رحاها على مقربة من جمنيا (1 مكابيين 16: 1-10). وبعدما قتل أبوه وشقيقاه سنة 125 ق.م. واعتبر هو مخربا قام بشن هجوم على أعدائه وطردهم من اليهودية (تاريخ يوسيفوس 1 و8 و13). وتقلد وظيفة رئيس كهنة، وحاكم مدني من سنة 135-105 ق.م. وفي سنة 134 قام أنطيوخس سيديتيس، ملك سوريا بهجوم على اليهودية وقهرها. ثم حاصر أورشليم، وبعد سنة احتلها وهدم حصونها (تاريخ يوسيبيوس 2 و3 و8 و13). وبعد موت أنطيوخس أتيحت ليوحنا فرصة لتوسيع منطقة نفوذه، فاحتل السامرة وأدوم. وتحالف من جديد مع الرومان. ثم استرد يافا وغيرها من المدن اليهودية، ورمم أسوار أورشليم )1 مكابيين 16: 23) ومكنته الحرب الأهلية التي نشبت في سوريا سنة 125 ق.م. من نيل الاستقلال دون عناء. ومال في بادئ الأمر إلى الفريسيين، ولكنهم عندما ألحوا عليه بالتخلي عن وظيفة رئيس الكهنة رغب عنهم وانحاز إلى الصدوقيين. وبموته سنة 105 ق.م. زالت قوة المكابيين. 5- يوحنا المعمدان: مهيئ طريق المسيح، وابن زكريا الشيخ وزوجته أليصابات )لو1: 15-25 و57-85). وكلاهما من نسل هارون ومن عشيرة كهنوتية. ويستدل من لوقا 1: 26 أن ولادته كانت قبل ولادة المسيح بستة أشهر. وقد عينت الكنيسة يوم ميلاده في 24 حزيران (يونيو(، أي عندما يأخذ النهار في النقصان وعيد ميلاد المسيح في 25 كانون الأول، أي عندما يأخذ النهار في الزيادة استنادا على قوله: [ينبغي أن ذلك يزيد وأني أنا أنقص] )يو3: 30). وكان أبواه يسكنان اليهودية، ولربما يوطة، يطا الحاضرة بقرب حبرون، مدينة الكهنة. وكانا محرومين من بركة النسل. وكانت صلاتهما الحارة إلى الله أن ينعم عليهما بولد. وفي ذات يوم بينما كان زكريا يقوم بخدمة البخور في الهيكل ظهر له الملاك جبرائيل وسكن روعه وأعلمه أن الله قد استجاب صلاته وصلاة زوجته، وبدت الاستجابة مستحيلة في أعينهما وأعين البشر بالنسبة إلى سنهما. وأعطاه الملاك الاسم الذي يجب أن يسمى الصبي به متى ولد، وأعلن له أن ابنه سيكون سبب فرح وابتهاج، ليس لوالديه فحسب، بل أيضا لكثيرين غيرهما، وأنه سيكون عظيما، ليس في أعين الناس فقط بل أمام الله. وأن مصدر عظمته الشخصية هو امتلاؤه من الروح القدس، ومصدر عظمته الوظيفية في أنه سيكون مهيئا طريق الرب، وزاد الملاك ما هو أعظم من ذلك أي أن يوحنا يكون المبشر بظهور المسيح الموعود. فيتقدم أمامه متمما النبوة التي كان يتوق إليها كل يهودي بأن إيليا يأتي قدام المسيح، ويهيئ للرب شعبا مستعدا (ملا4: 5 و6 ومت11: 14، 17: 1-13). أما زكريا فلم يصدق هذه البشارة لأن الموانع الطبيعية كانت أبعد من أن يتصورها العقل. ولم يكن معذورا لأنه كان يعلم جيدا ببشائر نظيرها، لا سيما بشارة الملاك للشيخين إبراهيم وسارة. ولهذا ضرب بالصمم والخرس إلى أن تمت البشارة. ولد يوحنا سنة 5 ق.م. وتقول التقاليد أنه ولد في قرية عين كارم المتصلة بأورشليم من الجنوب (لو1: 39). ولسنا نعلم إلا القليل عن حداثته. ونراه في رجولته ناسكا زاهدا، ساعيا لأخضاع نفسه والسيطرة عليها بالصوم والتذلل، حاذيا حذو إيليا النبي في ارتداء عباءة من وبر الأبل، شادا على حقويه منطقة من جلد، ومغتذيا بطعام المستجدي من جراد وعسل بري، مبكتا الناس على خطاياهم، وداعيا أياهم للتوبة، لأن المسيح قادم. ولا شك أن والده الشيخ قد روى له رسالة الملاك التي تلقاها عن مولده وقوله عنه [يتقدم أمامه بروح إيليا وقوته] (لو1: 17). والتقارب بين ما نادى به إيليا وما ينادي به يوحنا والتشابه في مظهرهما الخارجي ولبسهما ومعيشتهما واضح للعيان من مقارنة قصة حياتهما. ولم يظن يوحنا عن نفسه أنه شيء وقال أنه [صوت صارخ في البرية] (يو1: 23). وكرس حياته للإصلاح الديني والاجتماعي. وبدأ كرازته في سنة 26 م. وعلى الأرجح في السنة السبتية مما مكن الشعب الذي كان منقطعا عن العمل من الذهاب إليه إلى غور الأردن. وقد شهد في كرازته أن يسوع هو المسيح (يو1: 15(، وأنه حمل الله )يو1: 29 و36). وكان يعمد التائبين بعد أن يعترفوا بخطاياهم في نهر الأردن. )لو3: 2-14). وكانت المعمودية اليهودية تقوم: 1- بالغسولات والتطهيرات الشعبية (لا11: 40، 13: 55-58، 14: 8، 15: 27 وإر33: 8 وحز36: 25 إلخ. وزك13: 1 قابل مر1: 44 ولو2: 22 ويو1: 25). فأضفى عليه يوحنا معنى أدبيا (مت3: 2 و6) وعمق معناها الروحي. 2- بإدخال المهتدين إلى الدين اليهودي. فأصر يوحنا على ضرورة تعميد الجميع بصرف النظر عن جنسهم وطبقتهم (مت3: 9). إذ على الجميع أن يتوبوا ليهربوا من الغضب الآتي (مت3: 7 ولو3: 7). لأن معمودية المسيا الآتي ستحمل معها دينونة (مت3: 12 ولو3: 17) وقد طلب يسوع أن يعمده يوحنا لا لأنه كان محتاجا إلى التوبة، بل ليقدم بذلك الدليل على اندماجه في الجنس البشري وصيرورته أخا للجميع. وكانت المدة التي عمل فيها يوحنا قصيرة ولكن نجاحه بين الشعب كان باهرا. وحوالي نهاية سنة 27 م. أو مطلع سنة 28 م. أمر هيرودس أنتيباس رئيس الربع بزجه في السجن لأنه وبخه على فجوره (لو3: 19 و20). وكانت هيروديا زوجة هيرودس قد خانت عهد زوجها الأول وحبكت حبائل دسيسة ضده مع أخيه هيرودس. وقد سمعت بذلك زوجة هيرودس الفتاة العربية فهربت إلى بيت أبيها الحارث وأخلت مكانها في القصر لهيروديا الخائنة التي حنقت على يوحنا وكبتت غيظها وتحينت الفرصة للإيقاع به لأنه قال لهيرودس بأنه لا يحق له أن يتزوجها. وفي السجن اضطرب يوحنا ونفذ صبره بسبب بطء المسيح في عمله. ولربما أحس بأن المسيح نسيه وإلا لماذا لا يسعفه في الظلم الذي لحق به كما يسعف الآخرين. وطغت على أعصابه عوامل الوحشة والوحدة والقيود لأنه كان يترقب حدوث أحداث جسام وأراد أن يرى قبل موته تحقيق أحلام حياته. وبعث تلميذين ليستعلم من يسوع أن كان هو المسيح وأشار يسوع إلى معجزاته وتبشيره (لو7: 18-23). وكانت قلعة مخيروس المطلة على مياه البحر الميت والتي زج يوحنا في أحدى خباياها كافية لكسر قلب الرجل الجريء الذي نادى بقوله الحق في وجه الفريسيين والكهنة وأعطى للزنى اسمه الحقيقي، ولو أن الزاني كان ملكا عظيما. وبعد ثلاثة أشهر يحل عيد هيرودس وإذا بهيروديا ترسل ابنتها الجميلة سالومة لتؤانس ضيوف الملك وسط المجون والخلاعة ورنين الكؤوس. وإذ بهيرودس الثمل ينتشي برقصها المثير فيقسم أمام ضيوفه بأن يعطيها ما تطلب فتطلب، حسب رغبة أمها، رأس يوحنا على طبق. وبعد لحظات يهوي الجلاد بسيفه على عنق الرجل العظيم. ولم يترك جثمانه دون كرامة، لأن تلاميذه جاءوا حالا ورفعوه ودفنوه. يقول جيروم أنهم حملوه إلى سبسطيا عاصمة السامرة ودفنوه هناك بجانب ضريح إليشع وعوبديا. أما تلاميذه فتذكروا شهادة معلمهم عن حمل الله وتبعوا المسيح )مت14: 3-12 ومر6: 16-29 ولو3: 19 و20). ويقول يوسيفوس، أن الهزيمة النكراء التي ألحقها الحارث بهيرودس بعد ذلك التاريخ كانت جزاء وفاقا له ودينونة إلهية نزلت به بسبب شره (تاريخ يوسيفوس 2 و5 و18). وحسب يوحنا أن المسيح شهد فيه أعظم شهادة إذ قال: [لم يقم بين المولودين من النساء أعظم من يوحنا المعمدان] )مت11: 11). وفي أفسس وجد بولس أناسا قد تعمدوا بمعمودية يوحنا (أع19: 3). وظن بعضهم أنه كان للأسينيين في قمران بالبرية تأثير على يوحنا المعمدان.