قَصَاصَ
كان للقصاص الموسوي مبدآن: 1- الوقاية من نتائج الذنوب. 2- إقامة العدل بمجازاة المذنبين حسب أفعالهم وكان المبدأ الثاني أكثر اعتبارا من الأول وانقسم القصاص إلى نوعين: [القصاص بالموت وبما هو دون الموت]. 1- القصاص بالموت وهو أنواع: (ا) الرجم وكان يشترك في ذلك جميع الشعب (خر17: 4 ويش7: 25 ولو20: 6 وأع14: 5( وقد ذكر قصاص الرجم قبل خروج العبرانيين من مصر (خر8: 26). وكان هذا القصاص ينفذ في الحيوانات أيضا (خر19: 13، 21: 28 و29 و32). أما الذين يقتلون رجما فهم كل من جلب نكبة وتكديرا للشعب (يش7: 25). والفتاة التي تزني قبل الزواج (تث22: 21 و24( ومن جدف (لا24: 14 و16). وقد قتل زورا بتهمة التجديف كل من نابوت اليزرعيلي وأستفانوس (1 مل 21: 10 وأع7: 58). وقد حاول اليهود مرة أن يلصقوا هذه التهمة بيسوع المسيح لكي يرجموه (يو10: 31). وحكموا بالرجم أيضا على من استخدم العرافة لأنهم عدوها زنا روحيا (لا20: 6 و27(، ومن عبد الأوثان (تث13: 10(، ومن كسر شريعة السبت أو كدر والديه أو تنبأ كاذبا (تث13: 5 و10). وكان الشهود على المجرم هم أول من يأخذ حجرا أو يضربه. وحسب تقليد الشيوخ يرمي الشاهد الحجر الأول على صدر المذنب. وقد نفذ قديما قصاص الرجم في أدورام وزكريا (1 مل 12: 18 و2 أخ 24: 21). (ب) التعليق (عد25: 4) وكانوا ينفذونه بعد القتل لأجل التشهير (2 صم 4: 12). والذي يعلق هكذا يعتبر ملعونا من الله (تث21: 23 وغلا3: 13). ولذا كان لا يجوز أن تبقى الجثة معلقة إلى ما بعد الغروب (يش8: 29، 10: 26). وفي أمر داريوس في أيام عزرا تهديد بالتعليق على خشبة واحدة تسحب من سقف بيت المتمرد (عز6: 11). وقد علقوا جثتي شاول ويوناثان (1 صم 31: 10 و2 صم 21: 12 و13). (اطلب كلمة صليب). واختلفوا من جهة تعليق رئيس الخبازين هل كان ذلك شنقا في العنق أم من نوع التعليق بعد الأعدام لأجل التشهير. وقد ذكر بعد السبي التعليق بالأيدي (مرا5: 12( وفي عصر الحكم الفارسي استعملوا لقصاص الخونة التعليق (أس2: 23، 7: 9 و10، 9: 14). (ج) والحرق والكي. يرجح أن كلمة الحرق في بعض المواضع يقصد بها مجرد الكي على الجبهة، علامة العار. ولكن عندما يراد صرامة القصاص كانوا يميتون المذنب حرقا بالنار. فثامار هددت بالموت حرقا (تك38: 24). وحكمت الشريعة على ابنة الكاهن إذا زنت بالموت حرقا (لا21: 9). وكذا على من يزني مع حماته (20: 14). وقد خرجت نار من عند الله وحرقت ناداب وأبيهو (لا10: 1-3). ويظهر أن الفلسطينيين كانوا يعاقبون بالحرق، وكذا فعل الأشوريون والكلدانيون (إر29: 22). وقد ألقوا شدرخ ورفيقيه في النار (دا3). وجاء في (2 مكابيين 7: 5) أن الملك اليوناني في أيام المكابيين قد قلى أحد الشهداء على النار في طاجن. وفي التقليد اليهودي أن نمرود طرح إبراهيم في آتون نار لأنه رفض السجود لآلهة الكلدانيين. وقد وردت هذه القصة في القرآن سورة الأنبياء الآية 58-70. (د) الرمي بسهم أو بحربة أو القتل بالسيف: استعملت أدوات الحرب هذه في حالة الفتن وزيغان الشعب عن عبادة الله وطاعته. فكان كل من اقتحم الجبل يوم نزول الشريعة يرمى بسهم سواء أكان إنسانا أم بهيمة (عب12: 20 وخر19: 13). وقتل فينحاس بالرمح صاحب المرأة المديانية مع المرأة نفسها (عد25: 7 و8) ليرفع الوبأ عن إسرائيل. واستعمل اللاويون السيف لتأديب عبدة العجل (خر32: 27) كما أوصت الشريعة بإبادة كل مدينة تعبد آلهة غريبة بحد السيف (تث13: 13-15). وبالسيف أباد إيليا جميع أنبياء البعل (1 مل 19: 1). (ه) التغريق: وقد ذكرت هذه الطريقة في الإنجيل (مت18: 6 ومر9: 42). ولم تكن هذه العادة عند اليهود في الأصل. ولكنها كانت عند البابليين الذين حكمت شريعتهم بتغريق المرأة المتمردة على زوجها. (و) النشر والتمزيق بالنوارج: يذكر رسول العبرانيين قتل بعض الشهداء نشرا (عب11: 37). ويذكر عاموس (عا1: 3) القتل دوسا بنوارج من حديد. وفي الأمثال (أم20: 26) يقول: [\لْمَلِكُ \لْحَكِيمُ يُشَتِّتُ \لأَشْرَارَ، وَيَرُدُّ عَلَيْهِمِ \لنَّوْرَجَ] والشريعة لا تنص على القصاص بهذه الطريقة. ويقول أحد الأسفار غير القانونية وهو [شهادة إشعياء] أن هذا النبي قتل منشورا بالمنشار. (ز) الطرح من شاهق: (لو4: 29) وهذا القصاص غير موجود في الشريعة ولكنه استعمل في العهد القديم للأعداء. فإن أمصيا قتل عشرة آلاف أدومي بتلك الطريقة (2 أخ 25: 12) وكان الرومان يستعملونها بعض الأحيان. (ح) الصلب: (اطلب [صلب]). 2- القصاص بما هو دون القتل: وكان مبنيا على مبدأ المجازاة بالمثل (خر21: 23-25 ولا24: 18-22 وتث19: 19 و21). وكان يجرى ذلك في الضرر الحاصل من غير تعمد (خر22: 6) لكن لم يكن للمجني عليه أن يقتص من الجاني بل كان ذلك للحاكم وبعد الفحص الشرعي. وكثيرا ما كان القصاص بالتعويض أربعة أضعاف إلى خمسة (خر22: 1). وأحيانا كان يعوض على المحكوم له بعطلته وقوته مع دفع أجرة الطبيب وثمن الدواء وما شابه ذلك (خر21: 18-36). ولم يكن التعويض في بعض الأحيان كما في الوشاية مثلا كان يحكم على المذنب بالضرب، غير أنه لم يكن يجوز أن يتجاوز القصاص أربعين جلدة (تث25: 3). ولذلك كانت عادة اليهود أن يجلدوا تسعا وثلاثين جلدة فقط (2 كو 11: 24). وكثيرا ما كانوا يستعملون لذلك سوطا ذا ثلاثة أذناب يضربون به ثلاث عشرة مرة (اطلب سوط) ولم يكن في الشريعة الموسوية ذكر للسجون إلا أنها استحدثت في أيام الملوك (2 أخ 16: 10 وإر37: 15). ولما جدف ابن شلومية بنت دبري أتوا به إلى موسى فوضعه في المحرس (لا السجن) ليعلن لهم عن فم الرب وبعد استشارة الرب رجموه (لا24: 12-14). وهكذا فعل بالرجل الذي احتطب يوم السبت (عد15: 34). ولكن السجن كان معروفا عند المصريين من قديم (تك39: 20 و21). وأول من سجن من العبرانيين يوسف. والفلسطينيون سجنوا شمشون وفرضوا عليه نوعا من الأشغال الشاقة هو الطحن (قض16: 21). وكان السجن أحيانا بديلا من قصاص آخر أو غرامة (عز7: 26). وكان القاتل والمديون يسلمان أحيانا للسجن والتعذيب (مت18: 30). ولما سجن آخاب النبي ميخا أمر بأطعامه خبز الضيق وماء الضيق (1 مل 22: 27). ممن سجن من رجال الله العظام يوحنا المعمدان (مت4: 12). وكان للسجون الكبيرة أقسام داخلية ومقببات وأحيانا حفرة أو جب فيه ماء أو لا ماء فيه (إر37: 16، 38: 6) راجع أيضا (زك9: 11). وقد وضع بولس وسيلا في السجن الداخلي وضبطت أرجلهما في المقطرة في مدينة فيلبي (أع16: 24). وقد ذكر في أسفار موسى الخمسة نحو 35 حادثة [قطع من الشعب] ولا يعرف تماما معنى تلك العبارة وظن بعضهم أنها تفيد معنى الإعدام وغيرهم أنها تشير إلى الإخراج من الجماعة. وكان الحاكم أحيانا ينفي الإنسان من وجهه ويحبسه في بيته (2 صم 14: 24 و1 مل 2: 26 و36 و37). وقد ورد في الكتاب المقدس قصاصات أخرى منها ما كان نادرا ومنها قصاصات استعملتها الأمم. أما العبرانيون فقد استعملوا نتف الشعر (نح13: 25 وإش50: 6) واستعمل العمونيون حلق نصف اللحية (2 صم 10: 4). وقد ورد أيضا القصاص لقطع الأباهم (قض1: 6 و7). والبصق (أي30: 10 ومت27: 30). واستعملت الأمم الطرح للوحوش (دا6( وفقء العينين (قض16: 21 و2 مل 25: 7 وإر52: 11) والتقطيع إربا إربا (دا2: 5، 3: 29). وقد ذكر المسيح هذا القصاص في أحد أمثاله (مت24: 51 ولو12: 46). وفي سفر المكابيين الثاني (7: 10-40) ذكرت صنوف قاسية من العذاب أنزلها أنطيوخس أبيفانيس بالأخوة السبعة الذين رضوا أن يموتوا في سبيل شريعة الله.