مَعْمُودِيَّةِ
طقس الغسل بالماء رمزا للنقاوة والانخراط في سلك طائفة ما. وقد عرف اليهود هذه العادة واستعملوها كما نفهم من الكتاب المقدس (خر29: 4، 30: 20، 40: 12 ولا15، 16: 26 و28، 17: 15، 22: 4 و6 وعد19: 8). ولما جاء يسوع تبنى هذا الطقس وجعله فريضة في الكنيسة المسيحية (مت28: 19 ومر16: 16) إذ أنه جعل التعميد بالماء باسم الثالوث الأقدس علامة على التطهير من الخطيئة والنجاسة وعلى الانتساب رسميا إلى كنيسة المسيح. أي أن المعمودية في العهد الجديد تشبه الختان في العهد القديم. وكلاهما علامة على العهد. ويصرح الله للمعتمد، بواسطة هذه العلامة، بغفران الخطايا، ومنح الخلاص. أما المعتمد فيتعهد، هو أو المسؤولون عنه، بالطاعة لكلمة الله والتكريس لخدمته (أع2: 21 ورو6: 3 و4 وغلا3: 27 و1 بط 3: 21). أي أن المعمودية تختم وتشهد على اتحاد المؤمنين بالله بالإيمان والبنوة وغفران خطاياه بموت المسيح وقيامته. إلا أن المعمودية ليست في حد ذاتها سببا للتجديد والولادة الثانية والخلاص. فكرنيليوس مثلا، حل عليه الروح القدس وقبل الإيمان من قبل أن يعتمد (أع10: 44-48). وسيمون الساحر اعتمد ومع هذا ظل أنسانا عتيقا وأخطأ في عيني الرب (أع8: 13 و21-23). ولم يعمد المسيح أحدا (يو4: 2). وكانت أول معمودية مسيحية في يوم الخمسين، بعد أن قبل التلاميذ معمودية الروح القدس والنار (مت3: 11 ولو3: 16 وأع2). وقد قبل يسوع المعمودية ليظهر موافقته على عمل يوحنا المعمدان، وليكرس نفسه للخدمةالمقدسة، ويعبر عن تحمله خطايا البشر. وقد اختلفت وجهات نظر المسيحيين حول المعمودية وكان الجدال الأكبر حول قضيتين: نوع المعمودية، ومعمودية الصغار أو الكبار. فقد قال بعض المسيحيين أن المعمودية لا تصح إلا بتغطيس الإنسان تغطيسا كاملا، أو بتغطيسه ثلاث مرات، وليس مرة واحدة، كما قال البعض. إلا أن أغلبية المسيحيين تكتفي برش الماء على الوجه لأن المقصود من وضع الماء هو الإشارة إلى غسل الروح القدس. لذلك كانت كمية الماء غير مهمة في الموضوع. وقال بعض المسيحيين أنه لا لزوم لتعميد الأطفال، وأن الاعتماد للمؤمنين فقط، أي الذين تعدوا مرحلة الطفولة وبلغوا سن الرشد، بحيث يمكن لهم فهم الخلاص والاعتراف بالتوبة. إلا أن أغلبية المسيحيين تعتبر معمودية الصغار واجبة، ما داموا أطفالا لمؤمنين، وذلك علامة على الميثاق بين الله وبينهم. مَعْمُودِيَّةِ \لرُّوحِ \لْقُدُسِ وَ\لْنَارٍ: أنها رمز لانسكاب الروح القدس على الرسل في يوم الخمسين وأوقات أخرى من تاريخ الكنيسة (مت3: 11 ولو3: 16). مَعْمُودِيَّةِ يُوحَنَّا \لْمَعْمَدَانَ: أرسل الله يوحنا ليعمد الذين قبلوا كلمته. وتسمى «مَعْمُودِيَّةِ \لتَّوْبَةِ لِمَغْفِرَةِ \لْخَطَايَا] (مر1: 4). وكان طالبو المعمودية يعترفون بخطاياهم وندمهم عليها ويعلنون عن أيمانهم بالله بواسطة المسيح المنتظر الذي سيغفر خطاياهم. أي أن معموديته كانت تشير إلى التطهير الداخلي التابع للتوبة، وكانت من جهة أخرى استعدادا للمعمودية بالروح القدس والنار (مت3: 11 ولو3: 16). غير أنه لم يكن يطلب من المتعمدين عند يوحنا قبول تعاليم الثالوث. كما أن معمودية يوحنا لم يتبعها حلول الروح القدس. وكان تلاميذ المسيح يعمدون الذين عمدهم يوحنا ثانية (أع19: 1-6 وقابل أع18: 25 و26 ومت3). ونحن نجهل طريقة طقس المعمودية عند يوحنا. ولكننا نعلم أن يسوع تعمد بدخوله نهر الأردن (مر1: 9 و10). لْمَعْمُودِيَّةِ مِنْ أَجْلِ \لأَمْوَاتِ لا يعرف تماما المقصود بهذه العبارة ويقول المفسرون أن لها أكثر من تفسير واحد. وقد وردت في الكتاب مرة واحدة (1 كو 15: 29). ويعتقد أنها إشارة إلى عادة كانت شائعة قديما، وخاصة عند المسيحيين الأولين، وهي تعميد شخص حي من أجل شخص آخر ميت كان مؤمنا بحياته ولكنه مات قبل أن يعتمد. إلا أن الكنيسة تركت هذه العادة، باستثناء بعض الفرق التي أصبحت هرطوقية. وبولس نفسه، الذي أورد هذه العبارة، لم يكن يرضى بها. وقد وصف يوحنا فم الذهب ممارسة هذه العادة بقوله أنهم كانوا يضعون رجلا تحت سرير رجل آخر مات قبل أن يعتمد (شرط أن يكون مؤمنا وطالب الدخول إلى الكنيسة)، ثم يأخذ الكاهن يسأل أسئلة للميت بينما يجيب الحي عنه، ثم يعمد الحي نيابة عن الميت. ومن التفاسير الأخرى للمعمودية من أجل الأموات أنها رمز للمعمودية في آخر الحياة. وأنها المعمودية على قبور الشهداء، وأنها تعني أن لا قوة ولا فائدة للمعمودية إذا لم يقم الموتى وأن كان المسيح لم يقم من القبر.