\لسَّامِرِيِّونَ
المرة الوحيدة التي وردت فيها هذه الكلمة في العهد القديم في سفر الملوك الثاني 17: 29 وتعني السكان المتصلون بالمملكة الشمالية. وفي كتابات العبرانيين المتأخرة التي جاءت بعد السبي كان معناها سكان أقليم السامرة الذي يقع في وسط فلسطين(لو17: 11). وعندما غزا سرجون السامرة عام 722 ق.م. سبى من سكانها 27280 شخصا. وترك بعض السكان الأصليين، وإذ وجد أنهم متمردون دبر خطة يقتل بها وطنيتهم الثائرة، فنقل شعبا من بابل وحماة والعربية إلى السامرة (2 مل 17: 24) وصار هؤلاء هم السامريين، وظلوا يمارسون عبادتهم التي اعتادوها قبل المجيء إلى السامرة. وكان بسبب الحروب المتواصلة أن قل عدد السكان، فكثرت الوحوش البرية في الأرض التي استعملها الله عصا تأديب. وقد قتلت بعض تلك الوحوش سكان الأرض الجدد، فاعتقدوا أن [إله الأرض] غاضب عليهم، فأرسلوا يستغيثون بملك أشور، الذي أرسل إليهم أحد الكهنة ليعلمهم فرائض إله الأرض. وجاء الكاهن وسكن في بيت إيل. على أن الكاهن لم يقدر أن يجعلهم يتركون عبادات أصنامهم، فظلوا يمارسون عبادة الله كما في أسفار موسى. كما يمارسون عبادة الأصنام (2 مل 17: 25-33). وظلوا يمارسون هذه العبادة المزدوجة حتى سقوط أورشليم عام 586 ق.م. (2 مل 17: 34-41) وظل أسرحدون ينفذ الخطة التي نفذها جده سرجون (عز4: 2). وحدث أن اليهود ثاروا على عبادة الأصنام (2 أخ 34: 6 و7) فتناقصت تلك العبادة. ثم ضرب يوشيا الملك الوثنية ضربة أخرى. وبعد عشرات السنين كان بعض السامريين يذهبون إلى الهيكل في أورشليم للعبادة أو الزيارة وعندما عاد المسبيون جاء السامريين وطلبوا من زربابل أن يشتركوا معه في بناء الهيكل قائلين أننا كنا نعبد الرب إله أسرائيل منذ أيام أسرحدون (عز4: 2) ولكن زربابل رفض الطلب، فلم يطلب أهل السامرة الاشتراك في البناء مرة أخرى، بل عملوا على محاربة اليهود في البناء، وانضموا إلى أعداء اليهود في تعطيل البناء، كما عملوا بعد ذلك على تعطيل بناء السور (نح4). وكان قائدهم في هذه الحركة الأخيرة سنبلط الحوروني. وكان منسى الكاهن، وهو واحد من بني يوياداع بن ألياشيب الكاهن العظيم صهرا لسنبلط، فطرده نحميا من الكهنوت، فاغتاظ سنبلط من ذلك كثيرا وساعد نسيبه الذي التجأ إليه فبنى هيكلا في جرزيم، وكان بعض اليهود الهاربين من القانون في أورشليم يذهبون إلى هيكل جرزيم للعبادة، فكانوا يقابلونهم بترحيب كبير. واستمر عداء السامريين لليهود، فعندما نجس أنطيوخس أبيفانيس هيكل أورشليم بتقديم خنزيرة على مذبحه، أعلن السامريون أنهم لا ينتمون إلى الأصل اليهودي أبدا، وأعلنوا ولاءهم للطاغية بأن كرسوا هيكلهم على جبل جرزيم هيكلا للإله زفس حامي الغرباء. وفي عام 128 استولى يوحنا هيركانوس على شكيم وجرزيم وأخرب الهيكل هناك بعد بنائه بمئتي سنة، ولكن السامريين ظلوا يقدمون قرابينهم على الجبل حيث كان هيكلهم. وكانوا يفعلون هذا حتى جاء المسيح على أرضنا (يو4: 20 و21). وفي عام 6 ق.م. ألقى بعض السامريين عظاما نجسة في هيكل أورشليم، فصار اليهودي يستنكف من أن ينجس شفتيه بنطق كلمة [سامري] وكان يحسب طعام السامري نجسا كلحم الخنزير. وهكذا كان العداء مستحكما بين اليهود والسامريين، ولم يكن اليهود يسمحون بأي علاقة اجتماعية أو دينية مع السامريين. وفي زمن المسيح لم تكن عقائدهم اللاهوتية تختلف عن عقائد اليهود وخصوصا عقائد الصدوقيين منهم، وكانوا مثلهم ينتظرون [المسيا] على أنهم لم يقبلوا من العهد القديم إلا أسفار موسى. وقد قبل السامريون رسالة المسيح بعد أن رأوا الآيات العظيمة على يد فيلبس، كما أن المسيحية اتسعت لقبولهم، بخلاف الديانة اليهودية الضيقة. لكن أقبالهم كان ضعيفا. ولا تزال هناك جماعة قليلة من السامريين تقيم في نابلس (شكيم القديمة) وحولها. وهم يصعدون إلى جبلهم جرزيم ثلاث مرات في السنة، في عيد الفصح وعيد الأسابيع وعيد المظال، وهم يعيدون الأعياد الموسوية، ويذبحون ذبائح دموية في عيد الفصح. التوراة السامرية: احتفظ السامريون بالتوراة العبرانية (الأسفار الخمسة الأولى من العهد القديم) وقد اقتبس من هذه التوراة السامرية جيروم ويوسابيوس وغيرهما من الآباء المسيحيين. ومعظم الأدراج السامرية التي تشمل الأسفار الخمسة كلها أو جزءا منها لا ترجع إلى ما قبل القرن العاشر الميلادي مع أنه توجد نسخة تدعي أن الأجزاء القديمة منها كتبت في عام 656 م. ولدى جماعة من السامريين في نابلس نسخة خطية يقولون أنها نسخت عام 13 بعد فتح كنعان. إلا أن جمهور العلماء يقولون أن الخط الذي كتبت به هذه النسخة يرجع إلى القرن الثالث عشر الميلادي. وهذه الأدراج مكتوبة بالخط السامري الذي يشبه الخط الموجود على النقود التي وصلتنا من عصر المكابيين. وكان العبراني يكتب بهذا الخط قبل البدء في استخدام الحروف المربعة المستعملة في الوقت الحاضر. ويختلف النص السامري عن النص العبري فيما يقرب من ستة آلاف موضع، فمثلا أبدلت التوراة السامرية عيبال بجرزيم (تث27: 4 و8) زيادة في أكرام جبلهم المقدس. وتعزى معظم هذه الاختلافات إلى أخطاء في النقل وقعت من النساخ وقت الكتابة أو إلى أخطاء متعمدة قاموا بها عن قصد وأصرار. ويتفق نص التوراة السامرية مع الترجمة السبعينية في ألف وتسعمائة موضع من هذه المواضع مما يدل على أن مترجمي السبعينية استخدموا نسخة عبرية تتفق مع النسخة السامرية إلا أن هذه الاختلافات ليست ذات بال. وربما ترجع التوراة السامرية إلى العصر الذي طرد فيه منسى حفيد ألياشيب رئيس الكهنة وصهر سنبلط من أورشليم (نح13: 23-30 وآثار يوسيفوس 11: 7 و8) والتجأ إلى السامريين، فبنى هيكلا على جبل جرزيم لينافس هيكل أورشليم، وإذا كانت قانونية الأسفار الخمسة قد تقررت حوالي عام 400 ق.م. فلا تكون التوراة السامرية في هذه الحالة قد تأثرت بالتوراة التي كانت في حوزة اليهود بعد ذلك التاريخ. ويظهر أن الشقاق بين اليهود والسامريين وقع قبل تقرير قانونية الأنبياء. وينبغي أن لا يختلط الأمر علينا في أن التوراة السامرية تختلف عن النسخة السامرية للتوراة التي وضعت في لهجة السامريين في أوائل العهد المسيحي وفي حوزة السامريين ترجمة عربية أيضا ترجمت في القرن الحادي عشر أو القرن الثاني عشر. وكذلك سفر يشوع مبني على سفر يشوع القانوني وكتب في القرن الثالث عشر الميلادي وغيره.