صْلبُ - يُصْلَبَ - صَلْبَاً - صَلِيبَ
صلب الضحية تعليقها على صليب تنفيذا لحكم الأعدام فيها. وكان يتم ذلك بربط اليدين والرجلين به أو بصورة أفظع بتسمير الجسم بالمسامير عن طريق الأجزاء اللحمية. وكانت طريقة القصاص هذه معروفة لدى أمم كثيرة. فقد حكم الأسكندر الكبير على ألف صوري بالصلب. وروى يوسيفوس أن كورش في الأمر الذي أصدره بإعادة اليهود من بابل هدد بالصليب كل من سعى أن يحول دون تحقيق أمره هذا. وقد توعد داريوس الفارسي بهذه الميتة من يخالف أوامره(عز6: 11). وقد صلب أنطيوخس أبيفانيس يهودا أتقياء رفضوا أن يذعنوا لأمره بترك دينهم وقد صلب أسكندر يناوس أعداءه على رواية يوسيفوس. وأما عند الرومان فكان الصلب قصاصا للعبيد أو لمن يرتكب أقبح الجرائم. وأما المواطن الروماني العادي فقد عفاه القانون صراحة من هذا القصاص ولكن في ظل الأمبراطورية فرض على المواطنين أنفسهم حتى ألغاه قسطنطين الملك لأسباب دينية. وكثيرا ما كان يسبق الصلب تعذيب الضحية بالجلد (مت27: 26 ومر15: 15 ويو19: 1). وبعد هذا التبريح كان عليه أن يحمل صليبه إلى حيث يصلب. ويروي يوسيفوس أن الواليين فلوروس وتيطس جلدا من أعد للصليب. ولما كانت الضحية تعلق على الصليب تعليقا فإنها ما كانت تموت إلا بعد فعل الجوع والعطش وأحيانا هذه كانت الحال لما كانت اليدان والرجلان مسمرتين بالمسامير. وإذا كان من الضروري لسبب من الأسباب التخلص من الضحايا قبل دنو أجلهم كان وضع حد لحياتهم بكسر سيقانهم كما صنع باللصين مع يسوع (يو19: 31-33). وقد صلب كثير من اليهود بعد استيلاء تيطس على أورشليم. وأما لفظة الصليب فغير واردة في العهد القديم وقد استعمل يسوع هذه الكلمة بمعنى مجازي (مت10: 38، 16: 24) ومن وصف حادثة الصلب يتبين أن الصليب كان خشبا وكان ثقيلا، ولكن ما كان ثقله يتجاوز قدرة رجل قوي على حمله (مت27: 32 ومر15: 21 ولو23: 26 ويو19: 17). ومن الصعوبة بمكان إذا أن يكون من ذلك الحجم الضخم الذي تصوره بعض الرسامين. وكان يرفع عن الأرض قبل أن تكون الضحية قد علقت عليه أو بعد. وعلى الأرجح وفي أغلب الأحوال، قبل رفعه، وللصلبان نماذج رئيسية ثلاثة: أحدها المدعو صليب القديس أندراوس وهو على شكل (في) وثانيها بشكل (زائد) وثالثها بشكل السيف. وهو المعروف بالصليب اللاتيني. ولعل صليب المسيح كان من الشكل الأخير كما يعتقد الفنانون، الأمر الذي كان يسهل وضع اسم الضحية وعنوان علتها على القسم الأعلى منه (مت27: 37 ومر15: 26 ولو23: 38 ويو19: 19). وإلى موت المسيح وحتى بعده كان الصليب علامة الذل والعار (يو19: 31 و1 كو 1: 23 وغلا3: 13 وفي2: 8 وعب12: 2، 13: 13) وحمل الصليب كان يعني حمل الإهانة ولكن بعد آلام يسوع صار أتباعه ينظرون إلى الصليب نظرة مختلفة بالكلية فقد افتخر بولس بصليب المسيح (غلا6: 14) الذي تم فيه الفداء (أف2: 16 وكو1: 20).