كِتَابِ
كانت الحوادث تسجل في الأزمنة القديمة على الحجر أو الخزف. وربما اخترع المصريون ورق البردي (البابيروس) في العصور السابقة للسلالات الملكية التي حكمت بلادهم. ويظهر أن العبرانيين استعملوا الكتابة لأول مرة بعد خروجهم من مصر وأنهم تعلموا هذه الصناعة من المصريين الذين كانوا يتقنونها عصورا طويلة قبل ذلك )خر17: 14). وليست ال39 سفرا التي تؤلف العهد القديم وال27 سفرا التي تؤلف العهد الجديد هي كل ما كتبه العبرانيون مدة كتابة هذا القانون المقدس. بل أننا نعرف، مثلا، عن وجود كتب الأبوكريفا أي الأسفار غير القانونية وأيضا كتب الحوادث التي قام بها يسوع (لو1: 1). ويظهر أنه كان يوجد كتابان شعريان على الأقل مدة كتابة العهد القديم وهما كتاب حروب الرب وسفر ياشر (عد21: 14 ويش10: 13). والأمور التي جرت أثناء ملك داود وسليمان سجلت أيضا في سفر أخبار صموئيل الرائي وأخبار ناثان النبي وأخبار جاد الرائي وفي نبوة أخيا الشيلوني (1 أخ 29: 29 و2 أخ 9: 29). وأيضا في سفر أخبار الأيام للملك داود الذي يظهر أنه أول من أدرج عادة حفظ الأخبار الملوكية (1 أخ 27: 24). وسجلت أخبار ملك سليمان ويربعام في رؤى يعدو الرائي (2 أخ 9: 29). وأخبار ملك رحبعام في أخبار شمعيا النبي وعدو الرائي (2 أخ 12: 15). وقد سجل مؤرخو ملوك بني إسرائيل وملوك يهوذا تاريخ هاتين المملكتين من وقت رحبعام ويربعام حتى ملك الملك يهوياقيم (1 مل 14: 19 و29 و2 مل 24: 5). وفوق كل هذه الكتب كانت توجد أيضا مكتبة حافلة وقت كتابة أخبار الملوك وكانت تلك المكتبة تتألف من تواريخ ذكر أكثرها في الأماكن التالية: (2 أخ 13: 22، 20: 34، 24: 27، 26: 22، 32: 32، 33: 18 و19، 35: 25 وأيضا أم25: 1 و1 مل 4: 32 و33). وكان العبرانيون يحفرون الكلمات والحروف والأرقام على ألواح حجر ويطبعونها على لبن أو ينقرونها في صفائح معدنية الرصاص أو الحديد أو البرونز أو النحاس ويحفرونها في ألواح خشبية. وكانوا ينقرون الكتابات في الصخور ويسكبون رصاصا في الحروف المحفورة بهذه الطريقة (أي19: 24). وقد استعمل البشر أيضا الجلود والقماش والرقوق (2 تي 4: 13) للكتابة، وكذلك أوراق الأشجار وقشورها. وبعد كتابة النصوص الطويلة على الجلود أو الرقوق كانت هذه تلف على نفسها حاملة الكتابة على أحد وجهيها أو على الوجهين معا (حز2: 10). وكثيرا ما استعملوا في ذلك قطعا من قماش الكتان أو الرقوق أو البابيروس (البردي( على هيئة درج، عرض القطعة منها 12-14 بوصة، وعند كل من طرفيها قضيب من خشب يلف الدرج عليه كما تلف الخارطات اليوم. وكانوا يلفون كل طرف على قضيب حتى يلتقي النصفان في وسط الكتاب أو كانوا يلفون كل القطعة على قضيب واحد موصول بطرف واحد من الدرج. ويشير إشعياء النبي إلى ذلك عندما يقول: [وَتَلْتَفُّ \لسَّمَاوَاتُ كَدَرْجٍ] )إش34: 4). وكان القارئ يلف من الطرف الواحد إلى أن يصل إلى الكلام المقصود فيكون أكثر الكتاب ملفوفا إلا ما قصدت قراءته، وكانوا يضعون اللفة أو اللفتين في غلاف من جلد أو خشب. وكانوا يقسمون القماش إلى صفحات يجمعونها حسب طريقة أيامنا الحاضرة، إلا أنهم كانوا يدخلون أطراف كل صفحة في قضيب يتصل طرفاه بحلقات من الوراء، فكان ظهر الكتاب يتألف من تلك القضبان المجموعة معا. وكثيرا ما كانوا يجلدون الكتاب بخشب أو بغيره من المواد. وكانت أكثر الكتابات القديمة موصولة كلماتها بعضها ببعض، لا فاصل بينها، خلافا لعادة العرب الذين كانوا يفصلون بين الكلمات. واختلفت الأمم من جهة الكتابة، فكتب بعضهم من الشمال إلى اليمين كاليونان. وبعضهم من اليمين إلى الشمال كالعرب وبعضهم إلى كل من الجهتين. أما أهل الصين فكانوا وما زالوا يكتبون من فوق إلى أسفل. واستعمل المصريون البابيروس (البردي) لاصطناع الرقوق فكانوا يشقونه إلى صحائف رقيقة بواسطة آلة من حديد. وكان عرض تلك الصحائف من 10 إلى 15 بوصة، يضعونها بعد قصها على سطح مستو ثم يغمسونها في ماء النيل كي يتغطى سطحها بشيء من رسوبه فتلتحم به حافاتها ويكتسي وجهها بطبقة منه ثم كانت تلك الصحائف تنشر في الشمس وتطلى بمادة تكسبها ملاسة وقابلية للانحناء والانطواء، ثم كانوا يطرقونها بالمطارق ويصقلونها، وربما كانوا يجعلون 20 صحيفة أو أكثر منها في الدرج الواحد. أما اللوح (لو1: 63) فيرجح أنه كان صفحة مغطاة بطبقة رقيقة من الشمع يكتب عليها بقلم من حديد ومثل هذه الألواح بقيت مستعملة إلى سنة 1300 م. وأما الأقلام فكانت من حديد في رؤوسها أحيانا قطع من الماس (إر17: 1). أما ما كانت منها الكتابة على الصفائح المشمعة فكان محدد الطرف الواحد ومسطح الآخر لتمليس سطوح الشمع وتسويتها به. وكثيرا ما كانوا يكتبون على البردي وغيره من المواد اللينة بالفرشاة كما هي العادة عند أهل الصين إلى اليوم. ويظهر أن اليهود في أيام النبي إرميا كانوا يكتبون بأقلام من قصب يهذبونها عند الحاجة بواسطة مبراة يصنعونها لهذه الغاية (إر36: 23). وأما الحبر فكان يوضع في دواة (حز9: 2) تحت المنطقة على ما يشاهد حتى اليوم في بعض البلاد الشرقية. وكان السفر يحاط بسير يلتف على الدرج ويعقد في أسفله (إش29: 11). ومن الكتب المذكورة في الكتاب المقدس: كتاب مواليد آدم (تك5: 1) وكتاب ميلاد يسوع المسيح )مت1: 1). ويظن أن سفر الأحياء (مز69: 28) وسفر حياة الخروف (رؤ21: 27) يشار بهما إلى كتب المواليد التي كان اليهود يحفظونها ويمحون منها أسماء الأموات )إش4: 3) عند انتقالهم عن وجه هذه البسيطة. والأسفار المذكورة في (دا7: 10) هي أسفار الدينونة وهذا التعبير أما مأخوذ عن الدفاتر المحفوظة لمحاسبة المستخدمين أو عن أسفار ملوك فارس التي كانوا يدونون فيها وقائعهم اليومية ولا سيما ما كان يختص بالخدمات المقدمة لهم (أس6: 1-3).