سُلَيْمَانَ
اسم عبري معناه [رجل سلام] وهو ابن الملك داود الذي خلفه على عرش بني أسرائيل، فكان أعظم ملك، وقد ملك أربعين سنة. ومع أنه كان له ستة أخوة من أمهات مختلفات وهم: أمنون وكيلآب وإبشالوم وأدونيا وشفطيا ويثرعام، إلا أن سليمان هو الذي ملك. وهو ابن بثشبع (1 مل 1: 11) التي كانت زوجة لأوريا الحثي. وقد أحب داود سليمان لأنه كان ابن زوجته المفضلة، وأطلق عليه اسم سليمان متمنيا له سلاما بلا حرب، ولكن الله أعطاه اسم يديديا أي محبوب يهوه (2 صم 12: 24 و25). وكان شديد الذكاء واستوعب كل الدراسات التي تلقاها غالبا على يد ناثان النبي (1 مل 4: 32 و33). وكان داود قد وعد بثشبع أن يملك ابنها سليمان على الشعب بعده، وذلك بعد خيانة إبشالوم (1 مل 1: 17) وقد حاول أدونيا بن داود أن يأخذ الملك قبل وفاة والده، ولكنه فشل وأسلم نفسه لسليمان (1 مل 1: 53) وهكذا صار سليمان وريث العرش بدون منازع. وبدأ سليمان حكمه بالزواج من ابنة الملك فرعون حتى يكون ذلك مصدر أمن له، وقد تزوج سليمان زيجاته لغرض دبلوماسي، فبقي بنو أسرائيل أربعين سنة في سلام بدون حرب (1 مل 4: 24). وقد رأى سليمان في بدء حكمه حلما، سأله فيه الله عما يطلب، فلم يطلب غنى ولا عظمة ولا طول أيام، بل طلب الحكمة (1 مل 3: 5-9) وقد أعطاها له الله، فظهرت حكمته في ذهابه إلى المذبح الذي بناه موسى في البرية وذبح ألف محرقة هناك(1 مل 3: 4). كما ظهرت حكمته في الحكم بين السيدتين المتنازعتين على الطفل الحي (1 مل 3: 116-28) وقد تحقق في حكم سليمان وعد الله لإبراهيم إذ ملك سليمان من نهر مصر إلى نهر الفرات الكبير (تك15: 18). وكان يعاون سليمان في ملكه اثنا عشر وكيلا، هم رئيس الكهنة ومعه كاهنان، وكاتبان ومسجل، ورئيس الجيش، ورئيس على الوكلاء، وصاحب للملك، ورئيس للبيت، ورئيس للتسخير (1 مل 4: 2-6) كما كان له اثنا عشر وكيلا آخرين، كل وكيل على قسم من الشعب، يجمع من قسمه نفقات شهر لبيت الملك، وكان اثنان من هؤلاء الوكلاء متزوجين من ابنتين لسليمان (1 مل 4: 7-19) وقد زاد عدد الشعب في حكمه على أربعة ملايين، لكنهم كانوا مثقلين بالضرائب. وقد كان سليمان على صداقة مع حيرام ملك صور، فقدم سليمان الطعام لعبيده، مقابل مواد بناء الهيكل (1 مل 5: 1-12) وقد اعتمد سليمان على الشعب في أعمال السخرة للأبنية العامة ولبناء الهيكل (1 مل 5: 13-18). وكان سليمان بناء عظيما مثل رمسيس الثاني، فبنى الهيكل، وكان أبوه داود قد جهز الكثير من مواد البناء قبل موته، ولم يسمح له الرب بالبناء لأنه كان رجل دماء (1 أخ 22: 8). وقد استغرق بناء هيكل سليمان سبع سنوات على مثال الرسم الذي أعطاه الله لموسى، ولكن بضعف حجمه (1 مل 6) وكان موقع البناء على جبل المريا حيث قدم إبراهيم ابنه أسحاق، وعلى بيدر أرونة اليبوسي. وكان الهيكل أعظم أعمال سليمان بلا جدال. ودشن سليمان الهيكل بعد يوم الكفارة العظيم وقبل عيد المظال، في احتفال رائع، وامتلأ بيت الله بالسحاب وملأ مجد الله البيت (2 أخ 5) وصلى سليمان صلاة طويلة للرب إله السماء، نجدها في (1 مل 8: 23-53). وقدم سليمان محرقات عظيمة لتدشين هيكله، وفي هذا نرى أن سليمان أخذ مكان هارون ومكان موسى. وبنى سليمان أبنية أخرى مثل بيت وعر لبنان، ورواق الأعمدة، ورواق الكرسي الذي كان موضع القضاء، كما بنى بيتا لابنة فرعون (1 مل 7: 2-8) وبنى قلعة لحماية الهيكل (1 مل 9: 24). وحصونا عديدة في أنحاء المملكة (1 مل 9: 15-19) لحماية المملكة والدفاع عنها. ولم يترك سليمان مجالا لملك آخر ليبني بعده، فقد أكمل الملوك أو رمموا ما بدأ سليمان به. وعند منتصف أيام حكم الملك سليمان زارته ملكة سبأ بعد أن سمعت عن حكمته، فأراها عاصمة ملكه وأبنيته ونظام حكمه، فأدهشها هذا جدا حتى لم يبق فيها روح بعد، وقد فاق سليمان كل ما سمعته عن حكمته، بعد أن أجاب على كل أسئلتها، فطوبت رجاله الذين يسمعون حكمته، وقدمت له هدايا عظيمة (1 مل 10). وكانت عظمة غنى سليمان مذهلة، وكان عصره عصر نجاح اقتصادي، ولم تكن هناك حروب تستنذف مال الشعب، وقد أتته سفن مرة محملة بأربع مئة وعشرين وزنة ذهب (وزنة الذهب قيمتها عشرة آلاف جنيه مصري) وكانت له أساطيل تجارية في بحر الهند والبحر الأبيض المتوسط، فجلبت له الذهب والفضة والنحاس والعاج والأبنوس والبوص والخيل والمركبات والقردة والطواويس (1 مل 10: 22). وكان في خدمته عشرة آلاف يأكلون من مائدته. وكان له آنية فضة وآنية ذهب، وقد جعل سليمان الفضة مثل الحجارة وخشب الأرز مثل الجميز. وتقدر قيمة دخل سليمان سنويا بما يساوي عشرة ملايين دولار تقريبا(1 مل 9: 26-28). وكانت رحابة قلب سليمان عجيبة جدا (1 مل 4: 29) فقد درس كل العلوم التي يمكن أن تدرس وفاق فيها كل علماء عصره المشهورين، فدرس علم النبات وعلم الحيوان وعلم الطيور، وكتب الأمثال وكتب الحكمة والقصائد (1 مل4: 29-34) وقد ضاع كثير مما كتبه سليمان، ولم يبق إلا بعضه، مما ورد في سفر الأمثال (أم1: 1، 10: 1، 25: 1) والأغلب أنه هو الذي كتب سفر الجامعة ونشيد الأنشاد. على أن السنوات الأخيرة من حكم سليمان كانت مؤسفة، فقد بدأ بتعدد الزوجات، وأحب نساء غريبة كثيرة مع بنت فرعون، فكان له سبع مئة من الزوجات وثلاث مئة من السراري (1 مل 11: 1-8) فأملن قلبه إلى الآلهة الغريبة حتى بنى أماكن لعبادة الأوثان إرضاء لهن، فغضب الرب عليه، وهدده بتمزيق المملكة عنه، وأقام له خصوما (1 مل 11: 9-25) وقد طلب سليمان قتل يربعام الذي قال له النبي أخيا أن معظم المملكة سيكون له فهرب يربعام إلى مصر (1 مل 11: 26-40). وهكذا نرى أن العظمة والغنى والنجاح قد قادت سليمان إلى نهاية بعيدة عن الله. وإذ بسحابة داكنة تخيم على مساء اليوم الصاحي المشرق. [وَ\ضْطَجَعَ سُلَيْمَانُ مَعَ آبَائِهِ وَدُفِنَ فِي مَدِينَةِ دَاوُدَ أَبِيهِ] فإن حكمة سليمان لم تنطبق على حياة سليمان [وَهُوَذَا أَعْظَمُ مِنْ سُلَيْمَانَ هَهُنَا]. وقد أظهر التنقيب في مجدو اصطبلات لخيل سليمان تسع حوالي خمسمائة من الخيل. وكذلك أظهر التنقيب في عصيون جابر مسابك للنحاس ترجع إلى عصر سليمان مما يدل على سعة ملكه وثروته.