صُومُ، أَصْوَامٍ
هو الإمساك عن الطعام أو مدته. صام موسى أربعين نهارا وأربعين ليلة على جبل سيناء كان خلالها يفاوض الله ويستعد لاقتبال الكلمات العشر (خر34: 28 وتث9: 9). وبأمر الملاك سار إيليا إلى جبل حوريب لا يأكل ولا يشرب أربعين نهارا وأربعين ليلة حتى تراءى الله له (1 مل 19: 8). ولما أصعد ربنا إلى البرية من الروح ليجرب من إبليس واجه تجربته بعد صوم أربعين نهارا وأربعين ليلة وبعده بدء إعلان بشارة الإنجيل (مت4: 2 ومر1: 13 ولو4: 2). وقد أخذت بعض الكنائس من حياة السيد ورفيقيه في التجلي هذه الفترة الأربعينية وجعلت الصوم الأربعيني السابق لعيد الفصح قانونا وذلك في المجمع الخامس ثم في السادس المنعقد في السنة ال682. لم يرد الصوم لفظا في أسفار موسى الخمسة ولكن كان يوم واحد معين للصوم وهو يوم الكفارة (لا16: 29، 23: 27 وعد29: 7) إذا كان المقصود بتذليل النفس في هذه الآية هو الصوم كما ذهب الكثيرون. وإلى جانب هذا الصوم المفروض كان الصوم التطوعي. فقد صام داود راجيا أن يعيش الولد الذي ولدته له امرأة أوريا (2 صم 12: 22). وقد وردت أمثلة كثيرة أخرى في العهد القديم عن الصوم التطوعي (عز8: 21 ونح9: 1 وأس4: 3 ومز35: 13، 69: 10، 109: 24 ودا6: 18، 9: 3). وكان ينادى بالصوم أحيانا في أيام الشدة (إر36: 9 ويؤ2: 12). وكان الغرض منه إزلال النفس والابتهال إلى الله (إش58: 3 و4). وأما صوم الجماعة فكان يعني أن وزر الخطيئة ملقى على كاهل الشعب كله وأنه يجب أن يذلل نفسه أمام الله (1 صم 7: 6). أما الصوم الحقيقي فلم يكن صوما خارجيا فحسب بل الأعراض عن الأثم واللذات المحرمة والأقبال على عمل الرحمة (إش58). وفي أيام زكريا النبي كانت أصوام مفروضة في الشهر الرابع والخامس والسابع والعاشر (زك8: 19) تذكارا لحصار أورشليم في الشهر العاشر (2 مل 25: 1) وسقوطها في الشهر الرابع (2 مل 25: 3 و4 وإر52: 6 و7). وخراب الهيكل في الشهر الخامس (2 مل 25: 8 و9). ومقتل جدليا واليهود الذين كانوا معه في الشهر السابع (عدد 25). وكان اليهود يحفظون أصوامهم بتقشف فكانوا ينقطعون عن الطعام غالبا من غروب الشمس إلى الغروب التالي. وكانوا يلبسون المسح على أجسادهم وينثرون الرماد على رؤوسهم ويتركون أيديهم غير مغسولة ورؤوسهم غير مدهونة. وكانوا يصرخون ويتضرعون ويبكون (إش22: 12 ويؤ2: 15-17). وكانت حنة النبية تخدم الله في الصوم (لو2: 37). وكان الصوم في أيام ربنا مجاهدة روحية معتبرة وكان الفريسيون يصومون يومي الاثنين والخميس من كل أسبوع (لو18: 12). وكان في صومهم كبرياء ورياء فوبخهم يسوع على ذلك (مت6: 16-18). وما كان اليهود يصومون السبت ولا الأهلة والأعياد الرئيسية. ولا شك أن ربنا حفظ الصوم بحسب الشريعة (لا16: 29). ولم يأت الكتاب على ذكر تقيده بالأصوام التي سار عليها اليهود بعد السبي وأخبر عنها زكريا كما سبق ولم يقل أنه أهملها. ولكن تلاميذه لم يصوموا ما دام العريس معهم (مت9: 14 و15 ومر2: 18-20 ولو5: 33-35) ولكنهم أخذوا يصومون فيما بعد في مناسبات خاصة (أع13: 1، 14: 23). وفي أع13: 1 نرى البارزين في كنيسة أنطاكية من أنبياء ومعلمين يقررون لأنفسهم صوما مشتركا ويضعون أساس الصوم الجماعي. وأما الصوم المذكور في أع27: 9 فكان صوم يوم الكفارة الذي أشرنا إليه من قبل (لا16: 29).