خَلَقَ - خَلِيَقَةَ

قد يكون معنى [الخليقة] كل المخلوقات (رو8: 19) أو فعل الخلق ذاته (مر10: 6). ومعنى الخلق هو إبداع الأشياء التي لم يكن لها وجود. والفاعل في الفعل [خلق] هو الله دائما. فالله خلق السماوات والأرض (تك1: 1) والحياة المائية والهوائية (عدد 21) والإنسان (عدد 27)، والكواكب (أش40: 26) والريح (عا4: 133) وهو الذي يخلق القلب النقي الطاهر (مز51: 10). والرب أمر فخلقت السماوات بكل أجنادها وملائكتها، والشمس والقمر والنجوم والمياه التي فوق السماوات (مز148: 5). لقد تكلم فصنع كل شيء، وهو القدير العزيز الحكيم. عليه تتوقف حياة كل المخلوقات، وبيده يرعاها ويصونها، واختفاء وجهه عنها يهلكها، ونسمته المبدعة تجدد الحياة على الأرض (مز104: 27-30). وقد خلق الله العالمين [بالْكَلِمَةُ] الذي هو [\لاِبْنُ] (يو1: 3 وأف3: 9 وكو1: 16 وعب1: 2). وتنقسم قصة الخليقة إلى جزءين، يكمل أحدهما الآخر. ففي الجزء الأول (تك1: 1-2: 3) يستعمل اسم الجلالة [الله] وفي الثاني (تك2: 4-25) [الرب الإله]. يشير الجزء الأول إلى خليقة كل الكون، أما الثاني فإلى خليقة الإنسان، وهو فاتحة قصة سقوط الإنسان وفدائه. وفي سائر الأحوال، الله هو المسيطر على شؤون العالم والبشر، وكل الأشياء مرتبة بحكمة، وتهدف إلى قصد حكيم في الكون ونحو الأنسان. أما الأيام الستة، فتشير إلى ستة أعمال في مدد إلهية تنتهي بالراحة الإلهية (تك2: 2 و3). وكان العمل الأول خلق النور المنتشر، والعمل الثاني تنظيم للسماوات، وفصلها عن سطح الأرض بواسطة الجلد. والعمل الثالث فصل المياه عن اليابسة وخلق النبات. والعمل الرابع أظهار نور الشمس والكواكب عن طريق تكسير الأبخرة. والعمل الخامس خلق الحياة الحيوانية الدنيا في الماء والهواء. والعمل السادس خلق الحيوانات البرية والإنسان الذي خلق على صورة الله. وفي اليوم السابع استراح الله من عمله وبدأ يمارس وظيفة [الحارس] المدبر فبارك ما خلقه، وعين للإنسان يوم راحة في الأسبوع لخير الجسد والنفس. ويعتقد بعض المفسرين أن لفظة [يوم] لا تعتبر بالضرورة مدة أربع وعشرين ساعة، ويقولون أنها بالأرجح تشير إلى مدة جيولوجية طويلة الأمد. ولتأييد رأيهم يقولون أنه كثيرا ما استعملت لفظة [يوم] في الكتاب المقدس للدلالة على مدة أكثر من يوم شمسي، كيوم الأشرار، ويوم النقمة، ويوم الدينونة، ويوم الخلاص وألف سنة في عيني الرب كيوم واحد (مز90: 4 و2 بط 3: 8). ومما هو جدير بالذكر في فهم قصة الخلق كما وردت في سفر التكوين هو أن الله خلق الكون ولم يتركه لذاته ولشأنه كما يزعم بعض الفلاسفة. أن قوته لا زالت عاملة في الكون خالقة مسيرة وحافظة. ثم أن الكتاب المقدس يعلمنا شيئا آخر عن عمل الله في الخلق، فمكانة الله في الخلق وفق تعليم الكتاب المقدس تختلف عن فكرة أرسطوطاليس الذي يتحدث عن العلة الأولى، وكأن لا اتصال بين الله وبين الخليقة سوى عن طريق سلسلة من العلل والمعلولات. فأن الكون وما فيه من صنع الباري اليوم هو كما كان يوم أبدعه أولا. فهو الكل وفي الكل كما يناقض تعليم أرسطوطاليس عن أزلية المادة إذ أن الكتاب المقدس يعلمنا بأن للمادة بداية. ثم أن الكتاب المقدس في تعليمه عن الخلق يناقض الحلوليين الذين لا يفرقون بين الخالق وخليقته بل يمزجون بينهما فالله ليس الخليقة وليست الخليقة الله. وقد خلق العالم بمحض حريته لا كما يقول الغنوسيون بأن الخلق عبارة عن انبثاق من الله يشبه التوالد الذاتي، فصدر عنه كضرورة لا محيص منها. أنه مبدع الكائنات وهي في وجودها وسيرها وبقائها وانتظامها تعتمد عليه بما أنه الخالق والمسير والحافظ والمدبر لها ولكل ما يتصل بها. ومع أن مهمة الكتاب المقدس هو أن يعلمنا عن مكانة الله في الخلق والخليقة إلا أن ما يعلمنا أياه لا يتناقض مع العلم الصحيح الذي ثبتت صحته من غير شك. ويظهر لنا الله في سفر التكوين [شخصا] لا مجرد قوة كما يزعم البعض، ويتمثل لنا عاملا في خلق العالم وكل ما فيه من لا شيء. وأسمى أعمال الله في الخلق هو الإنسان ذروة الخليقة، وهو يعمل في الكون وفق نواميس وشرائع ثابتة، وإيماننا بالله يتسامى فوق كل الفروض والنظريات العلمية. وتؤيد لنا القصة أن الخليقة لم تكن وليدة الصدفة، بل من تدبير إله حكيم، مدبر عاقل، قادر على كل شيء يتكلم فيطيعه الخلق. وقد ثبت لدى العلماء أن بعض قصة الخليقة كما جاءت في سفر التكوين وردت أيضا في الآثار الأشورية في لوحات من الفخار. ولكن القصة الأشورية مضطربة ومفككة، حافلة بأساطير الأقدمين يصعب فهم معانيها في كثير من المواضع. أما قصة سفر التكوين فمسلسلة ومرتبة ترتيبا محكما. فضلا عن هذا فأن القصة الأشورية تذكر عديدا من الآلهة، أما قصة التكوين فتحدثنا عن إله واحد، هو خالق السماوات والأرض، ورب العالمين.

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

جدول بالنباتات والحيوانات المذكورة في الكتاب المقدس

أفنيكي

فهرس بجميع الكلمات

آبَلِ بَيْتِ مَعْكَةَ

مجور مسابيب

ميليتس

إِشَعْيَاءَ

رِسَالَةُ - وَرَسَائِلَ

جِبِعُونَ

أَبُلُّوسُ