غَنَمٍ
إحدى الحيوانات الأليفة التي دجنها الإنسان منذ أقدم العصور، بل أنها أول حيوان داجن ذكره الكتاب (تك4: 4) وعرف الشرق بكثرة أغنامه منذ القرون السحيقة السابقة للميلاد، إذ كانت الأغنام عماد الحياة البشرية، لما فيها من خيرات للإنسان، بلحمها وصوفها وجلدها ولبنها، ولقلة تكاليفها، ولوفرة الماء والعشب في مناطق كثيرة من الشرق، ولا تزال الأغنام، حتى اليوم، عماد هذه الحياة (تث32: 14 وحز25: 5 و1 صم 25: 18 و1 مل 1: 19، 4: 23 ومز44: 11 وعب11: 37)، وقد ذكر الكتاب الغنم مئات المرات بأسماء متعددة (غنم، خراف، حملان، قطيع). ونحن نستمد من الكتاب معلومات قيمة عن الغنم. فنعرف أنها كانت من النوع الذي له أهمية في مؤخرته (مثل أغنام الشرق في هذه الأيام) (خر29: 22 ولا3: 9). ولا بد للأغنام من راع. فهي من الحيوانات التي لا يمكن أن تقود نفسها بنفسها. والرعي هي أقدم مهنة عرفها الإنسان، إذ هي المهنة التي اتخذها الإنسان القديم إلى أن عرف الزراعة واستقر. ونعرف من الكتاب أن قدماء الرعاة، مثل الرعاة في أيامنا هذه، كانوا يقودون الأغنام في ذهابها للمراعي والعودة بها ويجمعونها عند تشتتها، ويدافعون عنها إذا تعرضت لخطر أو هاجمها ذئب أو نزل بها مرض، ويحرصون على تمريضها وولادتها، ويضعون الكلاب الإليفة لخدمتها وحراستها ويحصونها كل يوم بطرق خاصة، منها وضع عصا ومرور الأغنام من تحتها (تك31: 38 و39 ولو2: 8 وأي30: 1 وإش40: 11 ويو10: 1-16 وخر22: 12 و13 وإر33: 13 وحز20: 37 و2 صم 12: 3). ولما كان الأغنياء يحتفظون بأعداد كبيرة من الأغنام، وكان من الصعب على الراعي الواحد أن يقود قطيعا كبيرا، استخدم هؤلاء عدة رعاة. وكانوا ينصبون على الرعاة رئيسا يراقب عملهم ويشرف على الأغنام بالنيابة عن صاحبها (تك47: 6). وكانت كلمة راعي تستعمل في العهد القديم رمزا لله وللمسيح ابنه (مز80: 1 وإش53: 7)، الذي هو الملك السماوي، أو رمزا لملوك الأرض (حز34: 10). وقد استمر استعمال هذا الرمز إلى العهد الجديد فاعتبر المسيح راعي الخراف الذي يعني برعيته، أي البشر (يو10: 11 وأع8: 32 وعب13: 20 و1 بط 5: 4). ثم اتسع شمول الاسم إلى رؤساء المجامع والقسس الذين يعرفون اليوم بالرعاة، وتعرف طوائفهم بالرعيات. كما أن الكنيسة حملت اسم الخراف والحملان والإغنام في عشرات المواضع في العهدين الجديد والقديم، ونكتفي بذكر بعض منها (2 صم 24: 17 ومز74: 1، 79: 1 3، 95: 7، 100: 3 وحز34، 36: 38 ومي2: 12 ومت15: 24، 25: 32 ويو10: 2 و1 بط 2: 25). وضرب الكتاب المقدس المثل بالأغنام بعدد من صفاتها التي تتميز بها: من أنها لا تعرف صوت الغريب لذلك لا تأمن له (يو10: 5 وإش53: 6 ومت9: 36). وتشتتها عندما لا يكون لها راع (2 أخ 18: 16). وضلالها عند شرودها (مز119: 176) ووداعتها وأمنها مع أعدائها (أش11: 6) واستهدافها لأخطار الحيوانات الضارية (مي5: 8). وكانت الشعوب القديمة، وخاصة العبرانيين، تستعمل الأغنام أكثر مما يستعمل غيرها من الحيوانات في تقديم الذبائح إلى الله أو إلى الآلهة الوثنية والأصنام. وقد اختيرت الأغنام لذلك لنقاوتها ووداعتها ونظافتها، ولأن في تقديمها هدية لله عمل محترم يليق بالمهدي إليه. ولذلك سمي المسيح حمل الله والخروف، لأنه كان الهدية التي وهبها الله للبشر لخلاصهم (يو1: 29 و36 ورؤ13: 8، 22: 1). وقد تحدث الكتاب عن استعمال الأغنام في الذبائح في أمكنة كثيرة منها (تك4: 4، 8: 20، 15: 9 وخر20: 24 ولا1: 10، 3: 7 و1 مل 8: 63 و2 أخ 30: 24). وكان العبرانيون يهتمون لموسم جز صوف الغنم، ويقيمون الاحتفالات والأعياد (1 صم 25: 7 و8 و12 و2 صم 13: 23). وقد وصف الجز في (عد32: 16 و2 صم 7: 8 وإر23: 3 وصف2: 6 ويو10: 16). وسمي مكان الجز بيت الجز أو بيت العقد (2 مل 10: 12-14). وكانت النساء تنسجن صوف الغنم (لا13: 47 وتث22: 11 وأم31: 13). وكان الصوف مادة أساسية في البلاد، في التجارة، وفي تقديم الجزية (2 مل 3: 4 وحز27: 18).