وساطة
الوساطة هي التوسط أو التدخل في أمر. وهي لا تنحصر في عمل الكاهن إذ هناك وساطة عامة. ولدينا في الكتاب المقدس أمثلة كثيرة على هذا النوع من الوساطة: 1- الوساطة التي غايتها دعم السلام، وإزالة سوء التفاهم والخصام ووقف التنافر والعداء يقوم بها أناس ظرفاء شرفاء مسالمون غايتهم نشر السلام والوئام بين الآخرين، والعهد القديم يضرب لنا مثلا على ذلك في موقف عبد الملك، الخصي الحبشي الذي دفعه عطفه إلى التوسل إلى الملك ليخرج إرميا من الجب (إر38: 7-13). والعهد الجديد يرينا مثل هذه الوساطة التي بعث بها بولس إلى فليمون موصيا إياه بأنسيموس عبده الهارب. 2- الوساطة التي يقوم بها من حصل على امتياز خاص، كشعب بني إسرائيل الذي اختاره الله ليعلن حقه الإلهي للجنس البشري كله. ولشد ما أخفق هذا الشعب في تأدية هذه الرسالة العظيمة. وسفر يونان لم يكتب إلا للدلالة على هذا العجز والقصور وتوبيخه. إن يونان يمثل صلف بني إسرائيل واستئثاره بنفسه، أما نينوى فإنها تمثل حاجة سائر البشر. إن كل امتياز يحمل معه مسؤولية. 3- الوساطة عن طريق الشهادة، وسفر أعمال الرسل، الذي يخبرنا عن تاريخ الكنيسة الأولى، يرينا تأثير الشهادة المسيحية ونتائجها. وقد كانت المعمودية التي أجراها بطرس لكرنيليوس وأهل بيته وشهادته الجريئة في عمله عملا هاما في نقض حائط السياج المتوسط (أف2: 14) بين المؤمنين من اليهود والعالم الأممي (أع10). وقد كان هذا موقف بولس وبرنابا، مما حمل قيادة الكنيسة في أورشليم على المجاهرة بأن الإنجيل هو في متناول الجميع بصرف النظر عن الجنس أو اللون، واللغة (أع15 وقابل غلا3: 28 ألخ وكو3: 11). 4- الوساطة عن طريق الصلاة الشفاعية، وهذه وإن كانت في الدرجة الأولى تعني الكهنة فهي ليست وقفا عليهم، بل بابه مفتوح للجميع دون امتيازات خاصة. ونجترئ بذكر بعض أمثلة منها: صلاة إبراهيم من أجل سدوم وعمورة (تك18: 22-33) وصلاة موسى من أجل شعبه المتمرد الثائر (خر32: 30-33) وصلاة سليمان عند تدشينه الهيكل (1 مل 8: 22-53) وصلاة إرميا من أجل يهوذا (إر14: 1-9) وصلاة المرنم المشابهة لها )مز80( وصلاة يسوع الشفاعية (يو17). وقد ذكرت القاعدة التي يرتكز عليها هذا المبدأ في يع5: 16 انظر [وسيط].