وسيط

الوسيط على وجه العموم هو شخص يجمع بين الأشخاص المتنازعين بقصد حسم الخلاف وإصلاح ذات البين. ولكن لهذه الكلمة أهمية دينية خاصة وهي تعني غالبا وليس دائما، الذين يتقلدون الوظيفة الرعوية. وتعني بمعناها الديني شخصا يمثل الله أمام الناس، ويمثل الناس أمام الله، شخصا يعمل باسم الاثنين معا، مقدما لله الدليل على توبة الإنسان ضمانا لنعمة الله الغافرة. والكتاب المقدس يصف لنا الطريق الطويل في معاملة الله للإنسان الخاطئ ومصالحته. وهذا الطريق قائم على مبدأ ديني ويفسر لنا عمل الوسيط وأهميته، فالوساطة بهذا المعنى هي فكرة دينية فائقة غايتها توطيد العلاقات بين الله والإنسان. والعهد القديم يرينا بوضوح إقامة عهود مختلفة بين الله وشعب إسرائيل. وكان العهد بمثابة رباط متبادل، واتفاق، وثقة متبادلة بين فريقين. وفي مقدمة هذه العهود عهد الوساطة على يد موسى في جبل سيناء (خر19(، وتجديد هذا العهد بعد حادثة العجل الذهبي (خر34). وأمانة موسى الكهنوتية في تجديد العهد تظهر جليا في خر32: 25-35. وقد كان النبي أحيانا يقوم بعمل الوسيط في جمع الله والإنسان معا. وكان هذا الباعث على العمل الذي قام به هوشع في أنقاذ جومر، زوجته التي غدرت به، فقد حاول هوشع أن يجدد علاقة انقطع رباطها وانفصمت عراها )هو3: 1-5). وقد وصف إشعياء مبدأ الوسيط في إش53 أجل وصف بإشارته إلى العبد المتألم [الذي حمل خطايا كثيرين، وشفع في المذنبين]. وعرف الكاهن في العهد القديم بالوسيط. وكانت الوساطة نقطة الارتكاز في عمله. وحسب التقاليد اليهودية كان هارون مؤسس الكهنوت المتوارث (لا8: 1-9 وقابل عد17: 1، 18: 7). ولكن لما كان الاحتفاظ بالأمر الوراثي أمرا متعذرا كان يجب بحسب مقتضى الحال أن يضاف اللاويون وهم من سبط هارون - إلى السلك الكهنوتي (انظر عد4 وقابل تث10: 6-9، 33: 8-11). وكانت وظيفة الكاهن أن يخدم على المذبح ويقوم بتقديم الذبائح المتنوعة ولا سيما ذبيحة الإثم (انظر لا1-7). والصلوات الشفاعية (انظر البركة الكهنوتية عد6: 22-27) في حين كانت وظيفة اللاوي أن يقوم بأعمال بسيطة كممارسة الشعائر الدينية وخلافها. وكان رئيس الكهنة بصفة خاصة يمثل دور الوسيط في يوم الكفارة العظيم، الذي كانت فيه الذبائح العبرانية تبلغ قمتها وذروتها (لا16). إذ فيه كان يكفر عن جميع الخطايا التي اقترفها الشعب في خلال سنة كاملة (قابل عب9: 6-10). إلا أن هذا كله لم يكن سوى استعداد لعمل [الوسيط الأوحد] بين الله والناس، الإنسان يسوع المسيح، الذي بذل نفسه فدية عن الجميع (1 تي 2: 5). يسوع المسيح هو [وسيط عهد أفضل] (عب8: 6). [وعهد جديد] (عب12: 24). فقد جمع بين الكاهن والذبيحة، وقدم نفسه ولم يقدم شيئا آخر في سبيل المصالحة. وليس يسوع المسيح وسيط جماعة معينة من الناس، بل هو وسيط الجميع وهو الوسيط الذي لم يكن في حاجة إلى وسيط آخر، كما كان يحتاج إليه رئيس الكهنة، لأنه بلا خطية (عب7: 26-28، 9: 7). وقام بمطاليب الشريعة اللاوية، إذ كان ذبيحة [بلا عيب] (لا22: 20 وعب4: 15، 9: 14). وقد استطاع ذلك لأنه ابن الله الذي لم يعرف خطيئة ولا وجد في فمه مكر (عب2: 9-18، 4: 14 و15، 7: 26-28 و1 بط 2: 22). وبسبب هذا قدم مرة واحدة (عب7: 27). وذبيحته دائمة لا تحتاج إلى أن تعاد وتكرر (عب10: 11-14). وذبيحته وحدها تستطيع أن تطهر الضمائر من الأعمال الميتة (عب9: 14 ألخ). وبه صار لنا الدخول إلى قدس الأقداس (عب10: 19 و20). لقد نطق الأنبياء بكلمة الله، ولكنها لم تكن كلمتهم، ولكن المسيح هو الكلمة المتجسد )يو1: 14). يمتاز العهد القديم بوساطته الملوكية، والكهنوتية، والنبوية، لأن هذه الوساطة الثلاثية ليست سوى رمز إلى المسيح. وكان معلمو الكنيسة متفقين مع الكتاب المقدس عندما رمزوا إلى وساطة يسوع المسيح بهذه الوظيفة الثلاثية، أي وظيفة يسوع كملك، وكاهن، ونبي. موسى هو وسيط العهد القديم، والمسيح هو وسيط العهد الجديد. موسى هو وسيط الناموس الزائل، والمسيح هو وسيط الإنجيل. والفرق بينهما هو كالفرق بين الناموس والإنجيل. نعم أن الناموس مقدس، وعادل وصالح (رو7: 12) وهو من صنع الله، ولكن الكلمة الأخيرة ليست للناموس. يستطيع الناموس أن يطلب برا، ولكنه [لا يستطيع أن يبرر] )غلا3: 11). يستطيع الناموس أن يعرف الإنسان بأنه خاطئ، ولكنه لا يستطيع أن يمحو الخطيئة. التبرير هو بالإيمان بالمسيح وحده (رو3: 28). ولهذا فإن الخلاص المسيحي مؤسس على الإيمان البسيط لا على الأعمال الشكلية والمظاهر الخارجية، التي يقوم بها الإنسان نفسه. ومن أجل ذلك فإن المسيحي يصلي [باسم] المسيح (يو14: 13). وبسبب هذا يغفر له، ولكن لا عن جدارة فيه واستحقاق بل من [أجل المسيح] (يو1: 12). وللعهد القديم أهميته لأنه يشير إلى وساطة المسيح، العبد المتألم )إش42: 1-4، 49: 1-5، 50: 4-9، 52: 13، 53: 12).

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

جدول بالنباتات والحيوانات المذكورة في الكتاب المقدس

أفنيكي

فهرس بجميع الكلمات

آبَلِ بَيْتِ مَعْكَةَ

مجور مسابيب

ميليتس

إِشَعْيَاءَ

رِسَالَةُ - وَرَسَائِلَ

جِبِعُونَ

أَبُلُّوسُ